شائع

تفسير سورة النحل صفحة 278 (94 - 102) .. وفوائد الآيات

التفسير

94–وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ 

–ولا تجعلوا أيمانكم -خديعةيخدع بها بعضكم بعضًا وتتبعون فيها أهواءكم  فتنقضونها متى شئت، وتوفون بها متى شئتم، فإنكم إن فعلتم ذلك زَلّت أقدامكم عن الصراط المستقيم بعد أن كانت ثابتة عليه.

وتذوقوا ما يسوؤكم من العذاب وذلك ; بسبب ضلالكم عن سبيل الله، واضلالكم لغيركم - لما رأوه منكم من الغدر في هذا الدين - ولكم عذاب عظيم.

95–وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ 

يحذر تعالى عباده من نقض العهود والأيمان لأجل متاع الدنيا وحطامها فقال تعالى:-

–ولا تنقضوا عهد الله ; لتستبدلوا به عوضًا قليلا من متاع الدنيا الزائل فإن ما عند الله من الثواب في الدنيا: من النصر والغنيمة ، وفي الآخرة : من النعيم الدائم هو - خير لكم - من نقضكم للعهد فتدبَّروا الفرق بين -خيْرَي الدنيا والآخرة- إن كنتم تعلمون .. 

96–مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 

–إن ما عندكم - أيها الناس - من متاع الدنيا : من المال واللذات والنعيم - ينقضي - ولو كان كثيرًا، وما عند الله .. من الجزاء - باقفكيف تؤثرون فانيًا على باق؟ 

–ولنجزين الذين صبروا منكم - على عهوهم - ولم ينقضوها ثوابهم .. بأحسن الذي كانوا يعملون فسوف نجزيهم الحسنة بعشر أمثالها .. وإلي سبعمائة ضعف ، وإلى أضعاف كثيرة ، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ..

97–مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 

إن الإيمان شرط لصحة الأعمال وقبولها، ولا تسمى أعمالا صالحة إلا بالإيمان قال تعالي:-

–من عمل عملًا صالحًا موافقًا للشرع ذكرًا كان أو أنثى، وهو مؤمن بالله ورسوله ؛ فلنحيينه في الدنيا: حياة طيبة.. وذلك بالتوفيق للطاعات والرضا بقضاء الله وفي الآخرة لنجزينهم ثوابهم -بأحسن ما كانوا يعملون- من الأعمال الصالحة.

98–فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ 

–فإذا أردت قراءة القرآن -أيها المؤمن- فاستعذ بالله مِن وساوس الشيطان المطرود من رحمة الله قائلا: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

فإن الشيطان - أحرص- ما يكون على العبد عند شروعه في الأمور الفاضلة ، فيسعى في صرفه عن مقاصدها ومعانيها.

99–إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ 

إن الشيطان ليس له تسلط على:-

١–الذين آمنوا بالله ورسوله ﷺ.

٢–وعلى ربهم وحده يعتمدون في جميع أمورهم.

100–إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ 

إنما تسلط الشيطان - بالوساوس - على الذين يتخذونه وليًّا، ويطيعونه في إغوائه، والذين هم بسبب إغوائه يشركون بالله ويعبدون معه غيره

–إن الله لا يجعل للشياطين سلطان علي عباده المؤمنين المتوكلين عليه ويدفع الشر عنهم .

101–وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ 

–وإذا بدَّلنا آية مكان آية أخرى من - القرآن - والله أعلم بما ينسخ من القرآن لحكمة .. وعليم بما لا ينسخ منه، قال الكفار لك : إن ربك لم ينسخ شيء إنما أنت -يا محمد- كاذب مختَلِق على الله ما لم يَقُلْه .. 

–إن رسول الله  ليس" مختلق " علي ربه.. بل أكثرهم لا يعلمون أن النسخ إنما يكون لحكمة إلهية بالغة .. ويكون من عند الله وحده..

102–قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ 

–ولهذا ذكر تعالى حكمته في نزول القرآن ونسخه فقال تعالي:-

قل لهم -أيها الرسول-: ليس القرآن مختلَقًا مِن عندي، بل نَزَّله جبريل عليه السلام- من عند الله سبحانه بالحق الذي لا خطأ فيه ولا تبديل ولا تحريف، وذلك:-

–تثبيتًا للمؤمنين : فعند نزول آياته وتواردها عليهم وقتا بعد وقت، فإنه لا يزال الحق يصل إلى قلوبهم .. شيئا فشيئا حتى يكون إيمانهم أثبت من الجبال الرواسي.

وليعلمون أنه الحق .. وأن الله إذا شرع حكما من الأحكام ثم نسخه ، علموا أن الله أبدله بما هو مثله أو خير منه وأن نسخه .. هو المناسب للحكمة الربانية والمناسبة العقلية.

–وهداية من الضلال: إلي طريق الحق المستقيم.

–وبشارة طيبة : لمن أسلموا وخضعوا لله رب العالمين، بما يحصلون عليه من الثواب العظيم في الدنيا والآخرة.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–عدم الوفاء بعهد الله جزاؤه مضاعف بسبب ضلالهم واضلالهم لغيرهم ..

العمل الصالح المقرون بالإيمان يجعل الحياة طيبة كالعيشة الهنيئة والرزق الحسن..

عند قراءة القرآن علينا الالتجاء إلي الله والاستعاذة من شر الشيطان الرجيم .

–على المؤمنين أن يجعلوا القرآن إمامهم، كي تستقيم أمورهم الدينية والدنيوية.

–نسخ الأحكام في القرآن وقع زمن الوحي لحكمة، وهي مراعاة المصالح والحوادث، وتبدل الأحوال البشرية.

من الزهد أن يقابل العبد لذات الدنيا بخيرات الآخرة مما يدعوه إلى إيثار أعلى الأمرين.





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-