شائع

تفسير سورة الحجر صفحة 266 من الآيات (71 - 90) .. وفوائد الآيات

التفسير 
71–قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ 

–قال لوط عليه السلام لقومه .. من عظيم الأمر الذي أصابه  -أمام ضيوفه- معذرا لنفسه: هؤلاء بناتي هن من جملة نسائكم -فتزوَّجوهن- إن كنتم قاصدين قضاء شهوتكم، ولا تفعلوا ما حرَّم الله عليكم من إتيان الرجال.

72–لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ 

وقد أقسم الله تعالى بحياة محمد  تشريفًا له، إن قوم لوط .. لفي طغيان شهوتهم ومحبة الفاحشة يترددون ويتمادون . 

73–فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ 

–فأنزل الله علي قوم لوط صاعقة العذاب : وهو صوت شديد مهلك -وقت شروق الشمس- كما وعد تعالي نبيه لوط عليه السلام .. 

74–فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ 

–فعاقب الله تعالي قوم لوط أشد العقاب قال تعالي:-
–فقلبنا قراهم بجعل عاليها سافلًا، فأسقطت مقلوبة إلى الأرض .. وأمطرنا عليهم حجارة من طين من نار مُتَحَجِّر .. حتي تكون العقوبة عليهم أشد.

75–إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ

–إن الذي حل بقوم لوط لعلامات لِلْمُتَوَسِّمِينَ : الناظرين المعتبرين، بأن من تجرأ على معاصي الله خصوصا هذه الفاحشة العظيمة .. فسوف يعاقبهم الله تعالي بأشنع العقوبات في الدنيا والآخرة. 

76–وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ 

وإن قرى قوم لوط لعلى طريق ثابت .. يراها كل من يمرّ بها من المسافرين، ويقال تقع حالياً في جنوب المملكة الأردنية الهاشمية.

77–إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ .

إن في إهلاكنا لقوم لوط لَدلالةً بيِّنةً للمؤمنين يعتبرون بها.

78–وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ 
–وقعت هذه القصة .. بعد مدة قريبة من هلاك قوم لوط فقد كفرَ قوم مدين كفرًا شديدًا وعبدوا شجرة الأيكة لذلك سموا بأصحاب الأيكة وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ } وكانوا من أسوأ الناس معاملة وكفرا وغشا في التجارة فكانوا يتلاعبون بالوزن ويطففون الميزان ويقطعون السبيل ويخيفون المارة ..

–فبعث الله نبيه شعيباً يدعوهم إلى عبادة الله وحده، ونهاهم عن فعل هذه الأعمال القبيحة .. فلم يستجيبوا لدعوته فجمع الله تعالي عليهم أنواعاً من العذاب، فسلط عليهم رجفة شديدة أسكنت الحركات وأنزل صيحة عظيمة أخمدت الأصوات وسحابة كهيئة الظلة .. فاحتموا بها فلما ناموا تحتها أرسل عليهم منها شرر النار ، ونجي الله شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منه وأصبح قومه هم الخاسرون .

وقد كان أصحاب مدينة "مدين" الملتفة الشجر -وهم قوم شعيب- ظالمين لأنفسهم .. لكفرهم بالله ورسولهم الكريم فانتقمنا منهم بصنوف من العذاب بالرجفة والصيحة وعذاب يوم الظلة

79–فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ 

–فانتقمنا منهم حيث أخذهم العذاب، وإن قرى قوم لوط .. وقري قوم شعيب عليهما السلام، لبطَرِيقٍ واضح لمن مر به من السالكين..فيروا بالأبصار آثارهم - فيعتبر بذلك - أولوا الألباب.

80–وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ 

قبيلة ثمود سكنوا في منطقةِ “الحجر” التي تقعُ شمالَ غربِ المدينة المنورة، وتعرفُ اليومَ باسم (مدائن صالح)، وفي القرآن الكريم تعرف بسورة “الحجر” وقد أعطى الله قومَ "ثمود" من النعمِ ما أعطاهُ من قبلهِم قوم عاد .. فسكنوا السهولَ ونحتوا الجبال، وأعطاهم الخلافة في الأرض من بعد قوم عاد كما منّ عليهم بالأنهار والجنات والنعيم والبيوت الفارهة .. في الجبال المنحوتة ..

–وإمعانا منهم في الضلال، طلبوا من نبيهم أن يأتيهم بآية معجزة ليؤمنوا به ويصدقوه..فدعا (صالح) ربه واستجاب الله دعوته و أرسل اليهم -ناقة الله- ناقة عظيمة ولدت من صخور الجبل وحذّرهم نبيهم من إيذاء الناقة أو التعرضّ لها بسوء ولكنهم تحدّوا نبيهم وعقروها وطالبوا بالعذاب، أمهلهم ربهم ثلاثة أيام حتى يأتيهم بالعذاب ، وبالفعل نزل عليهم العذاب .."

ولقد كذَّب قوم ثمود " أصحاب الحِجْر " نبيهم صالحًا عليه السلام، فكانوا بذلك مكذبين لكل المرسلين; لأن من كذَّب نبيًا فقد كذَّب الأنبياء كلهم; لأنهم على دين واحد .. وهو " التوحيد ".

81–وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ 

ولقد آتينا قوم "ثمود" آياتنا الدالة على صحة ما جاءهم به نبيهم صالحا من الحق ومنها - الناقة - فلم يعتبروا بها وقد كانوا عنها معرضين .. لا يتفكرون فيها، ولم يبالوا بها ..

82–وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ 

–ومن كثرة إنعام الله علي قوم "ثمود" أنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتًا يسكنونها، وهم آمنون من أن تسقط عليهم أو تخرب.

83–فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ 
84–فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ 

–فأخذت قوم " ثمود" صاعقة العذاب .. في وقت الصباح مبكرين .. فلم يدفع عنهم عذابَ الله ما كانوا يكسبون من الأموالُ والحصونُ في الجبال، ولا ما أُعطوه من قوة ولا جاه .. لأن أمر الله إذا جاء لا يرده كثرة جنود، ولا قوة أنصار ، ولا غزارة أموال ..

85–وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ 

وما خلقنا السماوات والأرض .. وما خلقنا ما بينهما باطلًا دون حكمة، ما خلقنا كل ذلك إلا بالحق، وإن الساعة لآتية لا مَحالة، فيجازى كلا بعمله، فأعرض -أيها الرسول- عن المكذبين بك، واعف عنهم عفوًا حسنًا ..

86–إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ 

–وهذا وإن كان الخطاب موجه للرسول  فهو موجه للأمة 

إنَّ ربك - أيها الرسول - هو الخلاَّق لكل شيء، العليم به .. فلا يعجزه شيء في الأرض ، ولا في السماء، ولا يخفى عليه شيء .. 

87–وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ 

ولقد آتيناك -أيها النبي- "الفاتحة" وهي السبع المثاني: لأنها سبع آيات تثنى: تكرر في كل ركعة في الصلاة، ولاتصلح الصلاة إلا بها. 

–وإذا كان الله قد أعطي نبيه القرآن العظيم مع السبع المثاني فقد أعطاه أفضل ما يكون من الفضل. قال تعالي: " قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ "

88–لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ

–وهذا الخطاب موجه لجميع المؤمنين..  

–فيه نهي : بأن لا تنظر بعينيك وتتمنَّ ما مَتَّعْنا به أصنافًا من الكفار مِن مُتَع الدنيا الزائلة ..
والنتيجة: أن تنشغل بشهوات الدنيا التي اغترَّ بها هؤلاء الجاهلون .. 
والحل: أن تستغن بما -آتاك الله- من المثاني والقرآن العظيم.

–وفيه نهي: ولا تحزن علي كفرهم، فإنهم لا خير فيهم يرجى، ولا نفع يرتقب ..

–وفيه أمر: أن لك في المؤمنين عن هؤلاء أحسن البدل وأفضل العوض، فتواضع لهم وألن إليهم جانبك وحسِّن لهم خلقك، محبة وإكراما وتودُّدا.

89–وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ 
90–كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ 

وقل -أيها الرسول- لأمتك: إنني أنا النذير: من عذاب الله أن يصيبكم إن لم تؤمنوا كما أصاب الذين من قبلكم. 

–المبينالموضِّح لكم بما يهتدي به الناس من الإيمان بالله رب العالمين،  

–إني أخشي عليكم أن يصيبكم العذاب, كما أنزله الله على الذين -قسَّموا القرآن- فآمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه الآخر من اليهود والنصارى وغيرهم ..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–إذا أراد الله أن يهلك قرية ، أوقع بهم من العقوبات ما يستحقونه.

–كراهة دخول مواطن العذاب، وإذا دخل الإنسان إليها فعليه الإسراع بالخروج منها. 

–لا يطمح بصر المؤمن إلى زخارف الدنيا وعنده معارف المولى -عز وجل-.

–على المؤمن أن يكون بعيدًا من المشركين، ولا يحزن إن لم يؤمنوا.

–علي المؤمن أن يكون قريبًا من المؤمنين، متواضعًا لهم، محبًّا لهم ولو كانوا فقراء.






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-