شائع

تفسير سورة الحجر صفحة 263 من الآيات (16 - 31) .. وفوائد الآيات

التفسير 

16–وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ

يقول تعالى– مبينا كمال اقتداره ورحمته بخلقه أنه خلق لنا البروج: النجوم :-

–ليهتدي بها الناس في طرقاتهم وفي أسفارهم في ظلمات البر والبحر. 

فإنه لولا النجوم لما كان للسماء .. هذا المنظر البهي والهيئة الجميلة، الذي يدعو الناظرين إلى التأمل فيها، والنظر في معانيها، ليستدلوا بها على قدرة خالقهم ..

17–وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ 

وحفظنا السماء من كل شيطان رجيم: مطرود من رحمة الله; كي لا يصل إليها ويعرف أخبارها .

18–إِلاَّ مَنْ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ 

–إلا من استرق السمع خلسة واستمع إلي الملأ الأعلى فسيتبعه شهاب ثاقب فيحرقه .. فتبقي السماء ظاهرها جميل بالنجوم النيرات وباطنها محروسا من كل الشياطين.

19–وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ   

–ومن نعم الله تعالي أن خلق  الأرض، وهيأها للعيش والاستقرار والرزق  كالتالي :- 

مَدَدْنَاهَا: بسطناها متسعة لكي يستقر الناس عليها ويتمكن البني آدم  والحيوانات التجول في أرجائها. 

–وجعلنا فيها رَوَاسِيَ: جبالًا ثوابت تحفظ الأرض بإذن الله أن تتحرك بالناس ومن عليها.  

–وأنبتنا فيها من النباتات ما هو مَوْزُونٍ : مقدّر ومحدد بما تقتضيه الحكمة، للتناول من أرزاقها بما تحبون .

20–وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ 

–وجعل لكم -أيها الناس- في الأرض:-

–ما يعينكم علي العيش من المآكل والمشرب وما تنتفعون به، ما دمتم في الحياة الدنيا.

–وجعل لغيركم من الناس والحيوان وغيره..ما يعيشهم وليس رزقهم عليكم .. وإنما هو على الله رب العالمين تفضلا منه وتكرمًا.

21–وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ 

وما من شيء من منافع العباد والأرزاق والخير إلا -ويملكها الله وحده- فخزائنها بيد الله يعطي من يشاء، ويمنع عن من يشاء، بحسب حكمته ورحمته الواسعة. 

–وَمَا ينزلُ تعالي المقدر من أي شيء .. من مطر  ورزق وغيره إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ فلا يزيد على ما قدره الله ولا ينقص منه.

22–وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ 

–ويرسل الله الرياح تُلَقِّح السحاب، فيمتلئ ماء ثم ننزل من السحاب مطرًا فيسقيه الله لعباده ومواشيهم وأرضهم، ويبقى في الأرض .. مدخرا لحاجاتهم وضروراتهم أنهارا وعيونا .. 

–ولستم - أيها الناس - بقادرين على خزن الماء وادِّخاره ليكون عيونًا وآبارًا .. وإنما الله هو الذي يخزنه لكم فيها، رحمة بكم وإحسانا إليكم ..

23–وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ 

وإنَّا لنحن نحيي الخلق من العدم .. ونميتهم لآجالهم التي قدرناها لهم، ونحن الباقون نرث الأرض ومَن عليها. 

24–وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ 

ولا ممتنع على الله فإنه تعالى:- 

–يعلم المستقدمين منكم: من تقدم من الخلق من بني آدم ولادة وموتًا.

–ويعلم المستأخرين منكم: المتأخرين إلي يوم القيامة.

25–وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ 

وإن ربك -أيها الرسول- يحشر الخلق - جميعًا - يوم القيامة؛ فيبعثهم للحساب والجزاء فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته .. إن الله حكيم: في تدبيره، عليم: بخلقه .. لا يخفى عليه شيء ..

26–وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ 

–يذكر تعالى نعمته وإحسانه على أبينا آدم عليه السلام، أنه خلقه من صلصال : من طين يابس إذا نُقِر عليه سُمع له صلصلة: أي صوت: كصوت الفخار، وهذا الطين من الحمأ: وهو طين أسود، المسنون: متغير لونه وريحه من طول مكثه ..

27–وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ 

–والجان: أبا الجن وهو إبليس .. خلقناه من قبل خلق آدم من نار السموم: هي نار شديدة الحرارة لا دخان لها ..

28–وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ 

-واذكر - أيها الرسول - حين خلق ربك آدم، إذ قال للملائكة -وكان إبليس معهم- إني سأخلق بشرًا من طين يابس .. وهذا الطين اليابس من طين أسود متغيِّر لونه وريحه..

29–فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ 

فإذا أتممته وأكملت صورته ونفخت فيه الروح -فصار حيا- فخُرُّوا له ساجدين وهو سجود تحية بالإنحناء - تحية وتكريم - لا سجود عبادة ..

30–فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ  

فامتثل الملائكة لأمر ربهم .. وسجدوا كلهم أجمعون لآدم عليه السلام، تحية وإكراما وهذا يعني تكريم الإنسان منذ بدء الخليقة .. 

31–إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ 

لكن إبليس -الذي كان مع الملائكة - ولم يكن منهم - لأنه من الجان .. امتنع أن يسجد لآدم عليه السلام مع الملائكة.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

ينبغي للعبد التأمل والنظر في السماء وزينتها والاستدلال بها على خالقها.

–جميع الأرزاق والأقدار خزائنها بيد الله يعطي من يشاء ويمنع عمن يشاء بحكمته ورحمته.

–الأرض مخلوقة ممهدة منبسطة تتناسب مع إمكان الحياة البشرية عليها.

–ومن حكمة الله أيضاً أن الأرض مثبّتة بالجبال الرواسي؛ لئلا تتحرك بأهلها.

–خلق الله النباتات المختلفة بمقادير معلومة على وفق الحكمة والمصلحة للعباد.

–الأمر للملائكة بالسجود لآدم فيه تكريم للجنس البشري.







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-