شائع

تفسير سورة الرعد صفحة 254 من الآيات (35 - 42) .. وفوائد الآيات

 التفسير

35–مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ 
من صفة الجنة التي وعد الله بها عباده المتقين الذين يمتثلون أوامره ويجتنبون نواهيه :-

–أن الجنان تجري من تحت قصورها ، وأشجارها الأنهار.. من أنهار العسل، وأنهار الخمر، وأنهار اللبن، وأنهار الماء التي تجري في غير أخدود ..

–ومن صفتها أن ثمارها دائمة عكس ثمار الدنيا ، التي يتغير شكلها وطعمها بمرور الوقت .. 

–وظلها دائم لا ينقص ولا يزول .. عكس الدنيا الذي يتغير بحركة الشمس.. 

–تلك هي عاقبة الذين اتقوا ربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وهي الجنة وعاقبة الكافرين هي النار يدخلونها ماكثين فيها أبدًا، فكم من الفرق المبين بين الفريقين ؟!

36–وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنْ الأَحْزَابِ مَنْ يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ 

–انقسم أهل الكتاب بعد نزول القرآن إلي فريقين هما :-

–الفريق الأول - الذي آمن من اليهود والنصاري - أولئك يفرحون بما أنزله الله عليك - أيها الرسول - من القرآن لموافقته لبعض ما أنزل عليهم من الكتب السماوية .. فهم يصدقونه، ويؤمنون به " كعبد الله بن سلام، والنجاشي"

–الفربق الثاني - من كفر من اليهود والنصارى - المنحرفين عن الحق فمنهم من ينكر بعض هذا القرآن ولا يصدقه، ولا يؤمن به، لأنه لا يتفق مع أهوائهم .. أو مما يصفوه بالتبديل والتشكيك فيه " كالسَّيد والعاقب، أُسْقفَي "نجران" وكعب بن الأشرف".

–قل للكافرين - أيها الرسول-: إنما أمرني الله أن أعبده وحده ولا أشرك به شيئاً إليه مرجعي الذي أرجع به إليه فيجازيني .. بما قمت به من الدعوة إلى دينه ، وبما أمرت به.

37–وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ

–هذا الخطاب وإن كان موجه للنبي فهو موجه للأمة لتكون أمته أسوته في الأحكام

وكما أنزلنا الكتب على الأنبياء بلسانهم أنزلنا إليك -أيها الرسول- القرآن بلغة العرب; هو قولًا فصلًا مبينًا للحق لتحكم به بين الناس ..  

–ولئن اتبعت أهواء أهل الكتاب في مساومتهم لك بحذف ما لا يتفق مع أهوائهم بعدما جاءك من العلم الذي علمك الله إياه .. فليس لك من الله تعالي ولي يتولى أمرك وينصرك على أعدائك وليس لك مانع يمنعك من عذاب الله.

38–وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ 

وإذا حاجك -أيها الرسول- المشركون وقالوا :-

مالك -أيها الرسول- تتزوج النساء؟ فقل لهم: أننا قد بعثنا قبلك رسلا من البشر وجعلنا لهم أزواجًا وذرية، ولم نجعلهم ملائكة لا يتزوجون ولا ينجبون، وأنت من هؤلاء الرسل الذين هم بشر يتزوجون وينجبون، فلماذا يعجب المشركون من كونك كذلك؟ 

–وقالوا: إذا كان هذا رسولا من عند الله لأتى بما طلبنا من المعجزات ؟! فقل لهم: أنه ليس في وُسْع رسولٍ أن يأتي بمعجزةٍ أرادها قومه .. إلا بإذن الله. لكل أمر قضاه الله كتاب وأجل قد كتبه الله عنده، لا يتقدم ولا يتأخر.

39–يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ 

–يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ من الأقدار من خير أو شر أو سعادة أو شقاء وغيرها .. وَيُثْبِتُ ما يشاء منها وعنده اللوح المحفوظ، فهو مرجع كل ذلك، وما يظهر من محو أو إثبات فهو مطابق لما هو فيه.

40–وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ 

وإن أريناك -أيها النبي- في حياتك الدنيا: بعض ما نعدهم به من العذاب من النكال والخزي، فذلك إلينا ..

–وإن أمتناك -أيها النبي- قبل أن نريك العذاب ، فليس عليك إلا تبليغ الدعوة، وإنما الحساب والجزاء فذلك علينا ..

41–أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ 

ثم قال تعالي متوعدا للمكذبين :-

–أوَلم يشاهد هؤلاء الكفار .. أنا نأتي أرض الكفر ننقصها من أطرافها بنشر الإسلام فيها، وفتح المسلمين لها، وإلحاقها ببلاد المسلمين ؟!

–والله يحكم ويقضي بما يشاء بين عباده .. ولا أحد يتعقب حكمه بنقض أو تغيير أو تبديل، وهو سبحانه سريع الحساب; - فإن كل آت قريب - وسوف يحاسب الأولين والآخرين في يوم واحد  

42–وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ 

وقد مكرت الأمم السابقة بأنبيائها، وكادت لهم وكذبوا بما جاؤوا به، فماذا فعلوا بتدبيرهم لهم؟ لا شيء؛ لأن:-

التدبير الفاعل هو تدبير الله تعالي لا غيره..

–كما أن الله يعلم ما تكسبه نفوسهم من خير أو شر، وسيجازيهم عليه ..

–أن مكرهم سوف ينقلب عليهم ، كما قال تعالي: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ).

–وعندئذ سيعلمون كم كانوا مخطئين في عدم الإيمان بالله، وكم كان المؤمنون مصيبين، فحازوا بتلك الجنة والعاقبة الحسنة.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

  –الترغيب في الجنة ببيان صفتها، من جريان الأنهار واستدامة الرزق والظل.

–خطورة اتباع الهوى بعد ورود العلم وأنه من أسباب عذاب الله.

–بيان أن الرسل بشر، لهم أزواج وذرية، وأن نبينا   ليس بدعًا بينهم، فقد كان مماثلًا لهم في ذلك.





 



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-