شائع

تفسير سورة الرعد صفحة 252 من الآيات (19 - 28) .. وفوائد الآيات

التفسير 

19–أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ  

لا يستوي - أيها الرسول - المؤمن الذي يعلم أن القرآن الكريم هو الحق الذي أنزله الله تعالي عليك الذي لا مرية فيه، فآمن به وعمل به ، والكافر الذي هو أعمى عن رؤية الحق فلم يؤمن به ولم يستجيب له ؟

–لا يستويان مثلا ولا جزاء: فعلي العبد أن يتذكر ويتفكر أي الفريقين أحسن حالا وخير مآلا  فيتخذ طريقه (المؤمن المهتدي، أم الكافر الأعميإنما يعتبر ويتعظ بذلك أصحاب العقول السليمة.

20–الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ 

-فالذين استجابوا لله ولرسوله  هم أصحاب العقول السليمة الذين من صفاتهم أنهم :-

–يوفون بعهد الله الذي أمرهم به من العبادات والطاعات، أوما عاهدوا عليه عباده من الحقوق والالتزامات والأمانات ..  

–ولا ينكثون العهود المؤكدة مع الله بالإيمان به ورسله وقابلوه بالانقياد والتسليم، ولم يقابلوه بالإعراض والنقض .. ويدخل في ذلك المواثيق ، والعهود ، والأيمان ، والنذور .. التي قد يعقدها العباد ، فيؤدونها كاملة .. 

21–وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ 

–ومن صفات أولي الألباب أيضاً أنهم :-

يصلون ما أمرهم الله به أن يوصل - وهذا عام - من الإيمان بالله وبرسوله  ويصلون آباءهم وأمهاتهم ببرهم .. ويصلون الأقارب والأرحام، بالإحسان إليهم ويصلون ما بينهم وبين الأزواج والأصحاب بأداء حقوقهم

ويخشون ربهم خشية .. تدفعهم إلى امتثال أوامره ، واجتناب نواهيه .. ويراقبون ربهم في كل قول وعمل .. 

ويخافون أن يحاسبهم الله على كل ذنوبهم وأن لا يغفر لهم منها شيئًا .. فمن نوقش الحساب هلك ..

22–وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ 

–ومن صفات أولي الألباب أيضاً أنهم الذين :-

صبروا على طاعة الله تعالى وعلي أداء عباداته والبعد عن معصيته ، وعلى ما قدره الله عليهم من أقداره ، وصبروا علي البلاء ، والأدي ، طلبًا لمرضاة الله ، وليس لغرض من أغراض الدنيا كالفخر والرياء.. 

–وأدوا الصلاة في أوقاتها، بأركانها وشروطها ومكملاتها ظاهرا وباطنا .

–وأنفقوا النفقات الواجبة كالزكوات ، والكفارات والنفقات المستحبة تطوعًا كالصدقات وأعمال البر.. خفية للبعد عن الرياء، وجهرًا ليتأسَّى بهم غيرهم، وينفقون حيث دعت الحاجة

–ويدفعون إساءة من أساء إليهم بقول أو فعل بالإحسان إليه - ولم يقابلوه بفعله - بل قابلوه بالإحسان إليه ، فيعطون من حرمهم ، ويعفون عمن ظلمهم ، ويصلون من قطعهم ..

23–جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ 

–يبشر الله عباده أولي الألباب بجنات عدن يقيمون فيها ويتنعمون، ولا يزولون عنها أبدا .. 

–هذه العاقبة المحمودة هي جنات يقيمون فيها مُنَعَّمِين إقامة دائمة، ومن تمام نعيمهم فيها أن يدخلها معهم من صلح من آبائهم وأمهاتهم وأزواجهم وأولادهم إكمالًا لأُنْسهم بلقائهم وإن لم يعملوا بعملهم ، فإنهم يكونون في درجاتهم تكرمة لهم .. والملائكة يدخلون عليهم مهنئين من جميع أبواب منازلهم في الجنة ..

24–سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ 

–وتحييهم الملائكة كلما دخلوا عليهم بقولهم: سلام عليكم؛أي سلمتم من الآفات .. بسبب صبركم علي طاعة الله، وعلى مُرِّ أقداره، وصِبركم عن معصيته فإن صبركم هو الذي أوصلكم إلى هذه الجنان الغالية ، فنعم عاقبة الدار الجنة.

25–وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ 

ولما ذكر الله صفات المؤمنين ذكر صفات الكفار المعرضين، فقال تعالي:

أما الأشقياء فقد وُصِفوا بصفات بضد صفات المؤمنين، فهم :-

–الذين لا يوفون - بعهد الله - عز وجل.. بإفراده بالعبادة بعد أن أكدوه على أنفسهم .

–والذين يقطعون ما أمرهم الله بوصله مِن صلة الأرحام وغيرها.. 

–والذين يفسدون في الأرض .. بعمل المعاصي والآثام، والكفر بالله 

–أولئك الموصوفون بهذه الصفات القبيحة لهم الطرد من رحمة الله تعالي .. ولهم ما يسوءهم من العذاب الشديد في الدار الآخرة..

26–اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ

الله يوسع في الرزق لمن يشاء .. ويضيق على من يشاء من عباده، وليس توسيع الرزق علامة على السعادة أو محبة الله، ولا ضيقه علامة على الشقاء وسخط الله، .. ولقد فرح الكفار بالحياة الدنيا فركنوا واطمأنوا إليها وإنما ليست الحياة الدنيا في جنب الآخرة إلا متاعًا قليلًا ذاهبًا ..

27–وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ 

يخبر تعالى أن الذين كفروا بآيات الله يتعنتون على الرسول ﷺ ويقترحون بإنزال الآيات ويقولون

–هلَّا أنزل على رسول الله ﷺ آية محسوسة من ربه كموسي وعيسي عليهما السلام .. تدل على صدقه فنؤمن به ونتبعه، قل لهم -أيها الرسول- إن الله يضل من يشاء بعدله .. ويهدي إليه من يشاء بفضله والذي يرجع إليه بالتوبة .. وليست الهداية بأيديهم حتى يربطوها بإنزال الآيات ..

 –ومع ذلك فإنهم كاذبون لقوله تعالي: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ  الْمَلائِكَةَ  وَكَلَّمَهُمُ  الْمَوْتَى  وَحَشَرْنَا  عَلَيْهِمْ  كُلَّ  شَيْءٍ  قُبُلا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا  إِلا  أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ  وَلَكِنَّ  أَكْثَرَهُمْ  يَجْهَلُونَ )

28–الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ 

إن الذين يهديهم الله هم - الذين آمنوا - الذين تستأنس قلوبهم بذكر الله بتسبيحه وتحميده وبتلاوة كتابه القرآن الكريم ، ألا بذكر الله وحده تستأنس القلوب، خَلِيق بها ذلك.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–الترغيب في الأخلاق الموجبة للجنة التي منها : حسن الصلة، وخشية الله، والوفاء بالعهود، والصبر والإنفاق، ومقابلة السيئة بالحسنة 

–إن توسعة الله أو تضييقه في رزق العبد ليس دليلًا على رضا الله أو سخطه على ذلك العبد.

–إن الهداية ليست مشروطة بإنزال الآيات والمعجزات التي اقترح المشركون إظهارها.

–من آثار القرآن على العبد المؤمن أنه يورثه طمأنينة في القلب.






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-