شائع

تفسير سورة الرعد صفحة 251 من الآيات (14 - 18) .. وفوائد الآيات

التفسير 
14–لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ 

لله سبحانه وتعالى وحده دعوة التوحيد (لا إله إلا الله)،  - فلا يشاركه فيها أحدوالآلهة التي يعبدونها من دون الله لا تجيب دعاء مَن دعاها، وحالهم معها كحال عطشان باسط كفيه إلى الماء على شفير البئر يدعوه ليبلغ فاه بارتفاعه من البئر إليه وما هو ببالغ فاه أبدا، فكذلك ما هم بمستجيبين لهم وما سؤال الكافرين لهم إلا في ضياع وبُعدٍ عن الصواب؛ لأنها لا تملك لهم جلب نفع، أو دفع ضر.

15–وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ۩

ولله تعالي وحده يسجد خاضعًا منقادًا كُلُّ مَن في السموات والأرض، يستوي في ذلك المؤمن والكافر، غير أن المؤمن يخضع له ويسجد طوعًا، وأما الكافر فيخضع له كرهًا مع أن فطرته تملي عليه أن يخضع له طوعًا لكن عناده وكفره يملي عليه عكس فطرته ..

–ويسجد لله تعالي ظلال المخلوقات كلها أول النهار وآخره، ويسجد له كل شيء بحسب حاله كما قال تعالى: ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ).

16–قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ

-قل -أيها الرسول- للكفار الذين يعبدون مع الله آلهة غيره ملزمًا لهم بالحجة :-

–من خالق السماوات والأرض ومدبر أمرهما؟ ثم قل لهم : الله هو خالقهما ومدبر أمرهما.. وأنتم تقرون بذلك !

–أفأتخذتم لأنفسكم أولياء من دون الله عاجزين لا يستطيعون جلب النفع لأنفسهم ولا كشف الضر عنها؟ فأنى لهم أن يستطيعوا فعل ذلك لغيرهم؟ 

–أم هل يستوي الكافر الذي هو أعمى البصيرة، والمؤمن الذي هو البصير المهتدي؟ لا يستويان مثلا. 

–أم هل يستوي الكفر الذي هو ظلمات، والإيمان الذي هو نور؟ لا يستويان مثلا. 

أم أن أولياءكم الذين جعلتموهم شركاء لله يخلقون مثل خَلْق الله ؟ فتشابه عليكم خَلْق شركائكم بخلق الله، فاعتقدتم استحقاقهم للعبادة ؟! وهذا أمر محال أن يوجد خالق من  دون الله. 

–ثم قل لهم -أيها الرسول:-

–الله تعالي وحده هو خالق كل شيء لا شريك له في الخلق، وهو المنفرد بالألوهية، الذي يستحق أن يفرد بالعبادة وحده، وهو الواحد القهار.

17–أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ 

ضرب الله تعالي مثالين:  للحق في ثباته وبقائه، والباطل في اضمحلاله وفنائه ، ليتضح لنا الحق من الباطل:-

–المثل الأول: ماء المطر الذي ينزل من السماء حتى سالت به الأودية، كلٌّ حسب حجمه صغرا أو كبرا بماء صاف ينتفع به  وهو (الحق)، ثم يطفو على وجه الماء الزبد : وهي رغوة أو ماء غير صاف به شوائب وهو (الباطل) الذي لا ينتفع به بل إنه يتفرق ويتمزق ، ويذهب في جانبي الوادي ويعلق في الشجر وتنسفه الرياح

–والمثل الثاني: وهو ما يسبك في النار من ذهب أو فضة أو معادن .. ليجعل المصهور منه حلية للزينة أو متاع للانتفاع به، وذلك هو (الحق) فإنه يعلوه أثناء صهره زبد منه: وهي الشوائب الغير منتفع بها وذلك هو (الباطل) الذي يلقيه الصانع ليستخلص منه المعدن .

–فالباطل: الذي لا ينتفع به مثل .. الغُثَاء والزَّبَد الطافي على الماء ، ومثل ما يلقيه صهر المعدن من الصدأ والشوائب  والحق مثل الماء الصافي الذي ينتفع به الإنسان والحيوان والنبات، ومثل ما بقي من المعدن بعد صهره فينتفع به ..

كذلك فإن الباطل يضمحل وينمحق وإن علا على الحق في بعض الأوقات والحق ثابت باق (كذلك) المذكور يضرب الله لنا الأمثال لنتفكر ونتعظ كما قال تعالى (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون

18–لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ 

للمؤمنين الذين أطاعوا الله ورسوله  الجنة، والذين لم يطيعوا وكفروا بالله ورسوله  لهم النار, ولو كانوا يملكون كل ما في الأرض وضِعْفه معه ليبذلوه فداء لأنفسهم من عذاب الله يوم القيامة -فلن يُتَقبل منهم- أولئك يحاسَبون بكل ما عملوه من عمل سيئ .. ولن يغفر منه شيء وإن مسكنهم ومقامهم - جهنم - الجامعة لكل عذاب .. تكون لهم فراشًا وبئس الفراش الذي مهدوه لأنفسهم.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–بيان ضلال المشركين في دعوتهم واستغاثتهم بغير الله تعالى

–تشبيه حال المشركين بحال من يريد شرب الماء فيبسط يده ليشربه، وليس بشارب منه، لكونه لم يتخذ الوسيلة الصحيحة وهي (الإيمان)

–ضرب الأمثال هي وسيلة تقرب المعقول من المحسوس، وتعطي صورة تعين على الفهم 

–إثبات سجود جميع الكائنات لله تعالى طوعًا، أو كرهًا بما تمليه الفطرة من الخضوع له سبحانه.





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-