–[مِنْ مَقَاصِدِ السُّورَةِ]
–بيان حقيقة القوة والقدرة الإلهية ومظاهرها ، وإثبات الوعد والوعيد ، وسُنَّة الله في التغيير والتبديل .
1–المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ
–بدأت بحروف متقطعة (المر) لتبين عجز العرب عن الإتيان بمثل آيات القرآن الحكيم ، بالرغم من أن - كل حروف القرآن - من جنس حروف كلامهم ومع ذلك فإنهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا أن يأتوا بمثلها.
–يخبر تعالى أن هذا القرآن يشتمل على كل ما يحتاج إليه العباد من أصول الدين وفروعه، فأن هذا القرآن الذي أنزله الله عليك -أيها الرسول- هو الحق الذي لا مرية فيه، ولا شك أنه من عند الله، ومع هذا فإن أكثر الناس، لا يؤمنون به ولا يعملون عقولهم فيه، إما جهلا وإعراضا، وإما عنادا وظلما، فلذلك أكثر الناس غير منتفعين به؛ وذلك لعدم وجود السبب الموجب للانتفاع به وهو الإيمان بالله ورسولهﷺ
2–اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ
–يخبر تعالى عن انفراده بالخلق والتدبير، وأنه وحده المعبود الذي لا تنبغي العبادة إلا له
–إن الله تعالى .. هو الذي رفع السموات السبع بقدرته من غير دعائم كما ترونها، ثم استوى أي - علا وارتفع - على العرش، استواء يليق بجلاله وعظمته، وذلَّل الشمس والقمر لمنافع العباد كلٌّ منهما - يدور في فلكه - لأمد محدد إلى يوم القيامة، يدبِّر سبحانه أمور الدنيا والآخرة، يوضح لكم الآيات الدالة على قدرته - وأنه لا إله إلا هو - لتوقنوا بلقاء ربكم يوم القيامة..فتستعدوا له بالعمل الصالح ، وتُخْلصوا له العبادة وحده.
3–وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
–وهو سبحانه الذي جعل الأرض متسعة ممتدة، وهيأها لمعاشكم، وجعل لكم فيها جبالا تُثبِّتُها وأنهارًا لشربكم ومنافعكم, وجعل فيها من كل الثمرات صنفين اثنين كالذكر والأنثى في غيره.. وجعل لكم الليل يغطي النهار بظلمته ، فتظلم الآفاق فيسكن كل كائن حي لمأواه ويستريحون من التعب ، ثم إذا قضوا مأربهم من النوم غشي النهار الليل .. فإذا هم مصبحون منتشرون في مصالحهم وأعمالهم .. إن في ذلك كله لَعظات لقوم يتفكرون فيها, فيتعظون.
4–وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
–وفي الأرض قطع يجاور بعضها بعضًا متقاربة وفيها بساتين من أعناب، وفيها زرع، وصِنْوَان نخلات مجتمعة في أصل واحد .. وَغَيْرُ صِنْوَانٍ : نخلات منفردات بأصلها، تُسْقَى هذه البساتين وتلك الزروع بماء واحد .. ولكن نفضل بعضها على بعض في الأكل من الطعم والحجم وغيره من الفوائد ، بالرغم من -تجاورها وسقيها بماء واحد- إن في ذلك المذكور لأدلة وبراهين لقوم يعقلون؛ لأنهم هم الذين يعتبرون بذلك.
5–وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
–وإن تعجب -أيها الرسول- من عدم إيمانهم بعد هذه الأدلة فالعجب الأشدُّ من قول الكفار: أإذا متنا وصرنا ترابًا وعظامًا بالية نخرة، أنُبْعَث بعد الموت ونُعاد أحياء ؟! إن أولئك المنكرون للبعث بعد الموت هم الذين كفروا بربهم فأنكروا قدرته على بعث الموتى، أولئك تكون سلاسل من النار في أعناقهم يوم القيامة ، وأولئك يدخلون النار, ولا يخرجون منها أبدًا.
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–إن في خلق الله للسماوات على غير أعمدة تحملها، اثبات لقدرة الله وعظمته ووحدانيته
–قدرة الله حيث تسقي البذور، من ماء واحد، ومع هذا تختلف أحجام وألوان ثمراته وطعمها.
–إخراج الله للأشجار الضخمة من البذور الصغيرة، بعد أن كانت معدومة، هو رد على المشركين في إنكارهم للبعث
–إن إعادة جمع أجزاء الرفات المتفرقة والمتحللة في الأرض ، وبعثها من جديد ، هو بمنزلة أسهل من إخراج المعدوم من البذرة.