شائع

تفسير سورة يوسف صفحة 246 من الآيات (87 - 95) .. وفوائد الآيات


التفسير 

87–يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ 

–قال يعقوب عليه السلام: يا أبنائي ارجعوا إلى أرض مصر واستقصوا من أخبار يوسف وأخيه واجتهدوا في التفتيش عنهما .. ولاتيأسوا من رحمة الله في أن تعثروا عليهما ، فإنه لا يقطع الرجاء من رحمة الله تعالي، إلا القوم الكافرون به؛ لأنهم يجهلون عظيم قدرته، فلا تتشبهوا بالكافرين.

88–فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ 

–فامتثَلُ أخوة يوسف لأمر أبيهم .. وانطلقوا إلى أرض "مصر" بحثًا عن يوسف وأخيه .. فلما دخلوا على يوسف قالوا له: يا أيها العزيز أصابنا وأهلنا القحط والجدب وأتينا ببضاعة رديئة زهيدة، فكِلْ لنا كيلًا وافيًا كما كنت تكيل لنا من قبل -وتصدَّق علينابزيادة على ذلك، أو - بالتغاضي - عن ثمن بضاعتنا الرديئة .. فإن الله يجازي - المتصدقينبأحسن الجزاء ..

89–قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ 

–فلما سمع يوسف عليه السلام كلام إخوته وما وصل بهم الحال، - رقَّ لهم رحمة وشفقة بهم - وعرَّفهم بنفسه، وقال لهم موبخاً: أفلا تعلمون ما فعلتم بأخيكم بيوسف - من قبلمن الضرب والبيع وغير ذلك، وكنتم جاهلين بعاقبة ما يؤول إليه أمر يوسف ؟!

–وهذا توبيخ لهم إذ فعلوا فعل الجاهلين، مع أنه لا ينبغي ولا يليق بهم؛ لأنهم أولاد نبي الله يعقوب عليه السلام.

90–قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ 

فتفاجأ أخوة يوسف وقالوا: أإنَّك لأنت يوسف؟ قال: نعم أنا يوسف، وهذا الذي ترون معي: أخي الشقيق، قد تفضَّل الله علينا بالخلاص مما كنا فيه، وجمع بيننا بعد الفرقة وبرفع القَدْر، إنه من يتق الله، ويصبر على المحن والابتلاء فإن الله لا يذهب ثواب إحسانه، وإنما يجزيه أحسن الجزاء.

91–قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ 

وقال إخوة يوسف لأخيهم يوسف عليه السلام معتذرين عما صنعوا به : تالله لقد فضّلك الله علينا بما أعطاك من الفضل والتمكين والنبوة والمكانة والعلم ولقد كنا فيما صنعناه بك من قبل لمسيئين ظالمين .. وهذا غاية الاعتراف منهم بالجرم الحاصل منهم على يوسف ..

92–قَالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ 

فقبل يوسف عليه السلام اعتذار إخوته، كرما وجودا، ثم قال لهم: لا لوم عليكم اليوم يقتضي عقابكم، ولا توبيخ أسأل الله أن يغفر لكم، وهو سبحانه أرحم الراحمين وهذا هو الإحسان، الذي لا يتأتى إلا من خواص الخلق وخيار المصطفين.

93–اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ 

ولما سألهم عن أبيه أخبروه بذهاب بصره من كثرة البكاء عليه، فحزن يوسف عليه السلام لما آل بصر أبيه ثم - أعطاهم قميصه - ثم قال لهم: عودوا إلى أبيكم -ومعكم قميصي هذا- فاطرحوه على وجه أبي يَعُدْ له بصره بإذن الله، ثم أحضروا إليَّ جميع أهلكم.

94–وَلَمَّا فَصَلَتْ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ 

–ولما خرجت قافلة إخوة يوسف من أرض "مصر" إلى أرض يعقوب، ومعهم -قميص يوسف- شمَّ يعقوب ريح القميص، فقال يعقوب  لمن حضره في أرضهم: إني لأشم رائحة يوسف، لولا أنكم تصدقونني ولاتسفهوا قولي، ولا تنسبونني إلى الخرف، وتقولون: هذا - شيخ خَرِف - لا يعلم ما يقول .. ولكنها هي الحقيقة.

95–قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ 

قال الحاضرون ليعقوب عليه السلام ردا عليه: تالله إنك لا تزال في خطئك القديم مِن إفراطك في محبتك ليوسف .. وتوهمك بإمكانية رؤيته ثانية ..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–معرفة يعقوب عليه السلام بالله حيث لم يتغير حسن ظنه رغم توالي المصائب ومرور السنين.

–من خلق المعتذر الصادق أن يطلب التوبة من الله، ويعترف على نفسه ويطلب الصفح ممن تضرر منه.

–بالتقوى والصبر تنال أعظم الدرجات في الدنيا وفي الآخرة.

–قبول اعتذار المسيء وترك الانتقام، خاصة عند التمكن منه، وترك تأنيبه على ما سلف منه.






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-