شائع

تفسير سورة يوسف صفحة 245 من الآيات (79 - 86) .. وفوائد الآيات

التفسير 

79–قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظَالِمُونَ 

–قال يوسف عليه السلام: عياذًا بالله، ونستجير به أن نظلم بريئًا بجرم ظالم، فنحن لا نأخذ أحدًا غير الذي وجدنا صاع الملك في رحله .. وإن هذا حكمكمكما حكمتم أنتم بشريعتكم - فإننا إن فعلنا غير ذلك .. نكون إذا لمن الظالمين حيث نكون .. عاقبنا بريئًا ، وتركنا جانيًا ..

80–فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنْ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ 

فلما استيأس إخوة يوسف من يوسف عليه السلام أن يسمح لهم بأخذ أخيهم انفردوا عن الناس .. ثم أخذوا يتشاورون فيما بينهم، قال كبيرهم في السن: أذكِّركم أن :-

–أباكم قد أخذ عليكم - عهد الله مؤكدًا - على أن تردوا إليه ابنه إلا أن يحاط بكم : تهلكوا بما لا تقدرون على دفعه.

ومن قبل ذلك قد فرطتم في يوسف، ولم تفوا بعهدكم مع أبيكم فيه ..

فاجتمع عليكم الأمران – تفريطكم في يوسف السابق، وعدم إتيانكم بأخيه اللاحق، فليس لي وجه أواجه به أبي - سأقيم في أرض مصر - ولن أتركها أبدا، حتى يسمح لي أبي بالمجيء وحدي  أو مع أخي ، أو يقضي لي ربي في أمري وهو خير الحاكمين، فإنه تعالي يقضي بالحق والعدل، وهو أحكم الحاكمين. 

81–ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ 

وقال الأخ الكبير: عودوا إلى أبيكم، فقولوا له: إن ابنك قد سرق، فاسْتَرَقَّه عزيز مصر عقوبة له على سرقته ، وما شهدنا عليه إلا بعد أن تَيَقَّنَّا فقد رأينا المكيال في رحله، وما كان عندنا علم بالغيب أنه سيسرق ، ولو علمنا ذلك ما حرصنا علي ذهابه معنا، وما كنا عاهدناك على رده فلم نكن نظن أن الأمر سيبلغ هذا الحد ..

82–وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ 

–ولتتحقق من صدقنا اسأل -يا أبانا- أهل مصر التي كنا فيها، واسأل أصحاب القافلة التي جئنا معها -وهم قوم كنعان-فسوف يخبروك بما قد أخبرناك به، وإنا لصادقون حقًّا فيما أخبرناك به من -سرقته لصواع الملك- فنحن لم نكذب ولم نغير ولم نبدل، بل هذا هو الواقع.

83–قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ 

–قال يعقوب عليه السلام لأبنائه مكذبا قولهم: ليس الأمر كما ذكرتم لي من كون أخيكم - سرق - بل زيّنت لكم أنفسكم بمكيدة دبَّرتموها به كما مكرتم من قبل بأخيه يوسف .. أحتسب صبري صبر جميل ، لا جزع فيه ، ولا شكوي فيه إلا إلى الله تعالي ، عسى ربي أن يردَّ إليَّ أبنائي الثلاثة إلي - يوسف وشقيقه وأخوهم الكبير المتخلف من أجل أخيه- إنه تعالي العليم بحالي الحكيم في تدبيره.

84–وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ 

وتولي يعقوب عليه السلام عن أولاده .. تاركاً خطابهم، وقد ضاق صدره - بهذا الخبرواشتد به الأسف والأسى وقال: يا حسرتا على يوسف وظهر منه ما قد كمن من الهم القديم والشوق المقيم لابنه يوسف.

–وذكرته هذه المصيبة الخفيفة المصيبة الأولى من فقدان ابنه يوسف - وتأثر من سماع الخبر - وابيضَّتْ عيناه وذلك بذهاب سوادهما مِن شدة البكاء عليهم جميعا ، وامتليء القلب وتضاعف حزنًا وألما - فوق ما كان يحمله - وكان له شديد الكتمان ..

85–قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنْ الْهَالِكِينَ 

–قال بنو يعقوب - لأبيهم - مشفقين علي حاله :تالله ما تزال تتذكر يوسف، ويشتدُّ حزنك عليه حتى يشتد بك المرض أو أن تهلك فعلا، فخفف - يا أبت - عن نفسك.

86–قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ 

قال يعقوب عليه السلام مجيبًا لأبنائه: إني لا أبث الكلام لأحد، ولا أظهر همِّي وحزني الذي في قلبي إلا - إلي اللَّهِ وحده - لا إليكم ولا إلى غيركم من الخلق، إن الله وحده هو كاشف الضرِّ والبلاء وأعلم من رحمة الله وفرجه ما لا تعلمونه.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

لا يجوز لأحد مهما كان، أخذ برئء بذنب غيره، فلا يؤخذ مكان المجرم شخص آخر.

–الصبر الجميل هو ما ليس فيه جزع ، ولا شكوى إلا إلي الله تعالى وحده.

–على المؤمن أن يكون على يقين تام بأن الله تعالى سيفرج كربه وهمه. 







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-