شائع

تفسير صفحة 244 من سورة يوسف من الآيات ( 70 - 78) .. وفوائد الآيات

التفسير 

70–فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ 

–فلما جهزَّهم يوسف عليه السلام، وحمَّل إبل إخوته بالطعام - أمر عماله، أن يضعوا مكيال الملك: الذي يكيل به الطعام للمُمْتارين ( وهي صاعٌ من ذهب مرصع بالجوهر ) في متاع أخيه "الشقيق" ..

–وذلك دون علمهم توصُّلًا إلى إبقائه معه، فلما ارتحلوا عائدين إلى أهلهم نادى منادٍ في إثرهم: يا أصحاب الابل المحملة بالمِيرة: الطعام، إنكم لسارقون ولعل هذا المؤذن، لم يعلم بحقيقة الحال ..

71–قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ 

-قال إخوة يوسف وأقبلوا على المنادي في إثرهم ومن معه من أصحابه : -ما الذي ضاع منكم- حتى تتهمونا بالسرقة؟ ولم يقولوا «ما الذي سرقنا» لجزمهم بأنهم براء من السرقة ..

72–قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ 

–قال المنادي ومن معه لإخوة يوسف: ضاع منَّا صاع الملك الذي يكيل به، ولمن جاء منكم بصاع الملك - قبل التفتيش - جعلنا له - مكافأة - وهي حمل بعير من الطعام وأنا ضامن له ذلك وكفيل به .. 

73–قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ 

أقسم إخوة يوسف للمؤذن وقالوا : والله لقد علمتم نزاهتنا وبراءتنا كما رأيتموه من أحوالنا في إقامتنا لديكم .. وإنَّا ما جئنا أرض مصر لكي نفسد فيها وما كنا في حياتنا سارقين ..

74–قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنتُمْ كَاذِبِينَ 

قال المنادي وأصحابه لإخوة يوسف: فما جزاء السارق عندكم - أيها الكنعانيين - في دينكم إن كنتم كاذبين في دعواكم البراءة من السرقة ؟!

75–قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ

–قال إخوة يوسف للمؤذن وأصحابه: إن السارق إذا ثبتت عليه السرقة كان ملكا لصاحب المال المسروق يسترقه مثل هذا الجزاء -الاسترقاق- نجزي به السارقين، وكان هذا في دينهم.. ولهذا قالوا: ( كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ) .

76–فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ 

–فأرجعوهم (المنادي وأصحابه) إلى يوسف عليه السلام ، فقام بنفسه يفتش أمتعتهم ، ثم بدأ بأمتعتهم قبل متاع أخيه شقيقه; إحكامًا لما قد دبَّره لاستبقاء أخيه معه، ثم انتهى بوعاء أخيه، فاستخرج الإناء منه، وكما كدنا ليوسف بتدبير وضع الصاع في وعاء أخيه، كذلك كدنا له أمرًا آخر وهو:-

–أن يأخذ شقيقه بعقاب بلدهم - وبشريعتهم - التي تقتضي -باسترقاق السارق- إن هذا الأمر لا يتحقق لو عمل بعقاب"حكم مصر" الذي يقتضي بعقاب السارق بالضرب والتغريم لا الاسترقاق 

–إلا أن مشيئة الله اقتضت هذا التدبير والاحتكام إلى "شريعة إخوة يوسف" القاضية برِقِّ السارق نرفع مراتب من نشاء من عبادنا في الدنيا علي غيره ، كما رفعنا مرتبة يوسف وفوق كل صاحب علم من هو أعلم منه .. وفوق عِلمِ الجميع عِلمُ الله الذي يعلم كل شيء.

77–قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ 

–فلما رأى إخوة يوسف عليه السلام ما رأوا من هذه السرقة قالوا - تبرئة لأنفسهم - هذا الأخ، إن يسرق فلا عجب، فقد سرق أخ له شقيق من قبل سرقته هذه، يقصدون يوسف عليه السلام .. وأن هذا وأخاه قد يصدر منهما من السرقة ما قد يصدر، وهما ليسا شقيقين لنا.

فأخفى يوسف عليه السلام تأذّيه بقَوْلَهم هذا، ولم يقابلهم بما يكرهون بل كظم الغيظ ، وأسرَّ الأمر في نفسه - ولم يظهره لهموحدَّث نفسه قائلا: أنتم أسوأ منزلة من وصفنا بالسرقة حيث دبَّرتم لي من المكائد ما دبرتم .. والله أعلم بما تصفون من الكذب والافتراء.

78–قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ 

قال إخوة يوسف - لعزيز مصر - مستعطفين ليوفوا بعهدهم مع أبيهم: يا أيها العزيز إن له والدًا شيخًا كبيرا طاعنًا في السن ، يحبه كثيرًا  ولا يطيق فراقه - فخُذْ أحدنا بدلا منه- إنا نراك من المحسنين في معاملتك للجميع. فأحسن إلينا وإلى أبينا بذلك الطلب ..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–جواز الحيلة التي يُتَوصَّل بها لإحقاق الحق، بشرط عدم الإضرار بالغير.

–يجوز لصاحب الضالة أو الحاجة الضائعة جُعْل "مكافأة" لمن يعاونه على رد ضالته.

–التغافل عن الأذى والإسرار به في النفس من محاسن الأخلاق.  




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-