شائع

تفسير سورة يوسف صفحة 240 من الآيات (38 - 43) .. وفوائد الآيات

التفسير  

38–وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ 

–لما ذكر يوسف عليه السلام -للفتيين- أن هذه الحالة التي أنا عليها كلها -من فضل الله تعالي- حيث منَّ عليَّ بترك الشرك ..واتبعت دين آبائي: إبراهيم وإسحاق ويعقوب .. وهو - دين التوحيد لله- لهذا وصلت إلى ما رأيتماه، فينبغي لكما أن تسلكا ما سلكت.

ما يصحّ لنا أن نشرك بالله غيره، وهو المنفرد بالوحدانية، ذلك التوحيد والإيمان الَّذي أنا عليه وآبائي هو من فضل الله علينا أن وفقنا له، ومن فضل الله على الناس جميعًا أن الله بعث إليهم - الأنبياء - ولكن أكثر الناس لا يشكرون الله على نعمه، بل يكفرونه.

39–يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ 

ثم صرح يوسف عليه السلام لهما بالدعوة إلي عبادة الله وحده ، وترك الشرك فقال :-

ثم خاطب يوسف الغلامين في السجن قائلًا: أعبادة آلهة متعددة عاجزة ضعيفة لا تنفع ولا تضر، ولا تعطي ولا تمنع، وهي متفرقة ما بين أشجار وأحجار وملائكة وأموات.. 

–أذلك خير أم عبادة الله الواحد في ذاته، وصفاته، وأفعاله، الذي لا شريك له، الْقَهَّارُ: الذي انقادت الأشياء لقهره وسلطانه، الذي لا يقهر، وله كل صفات الكمال؟

40–مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ 

–ثم دعا يوسف عليه السلام من في السجن إلي عبادة الله وحده وترك الشرك فقال:-

ما تعبدون من دون الله إلا أسماء لا معني لها، سمَّيتموها أنتم وآباؤكم - آلهة - إنها ليس لها في الألوهية نصيب ، ولم يُنْزِل الله حجة أو برهان تدل على صحتها، فإن -الحكم المطلق- لله وحده لا لهذه الأسماء التي سميتموها أنتم وآباؤكم - آلهة -.

–أمر الله سبحانه أن توحدوه بالعبادة، ونهى أن تشركوا معه غيره ، إن - ذلك التوحيد - هو الدين المستقيم الَّذي لا اعوجاج فيه، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك، ولذلك يشركون بالله، فيعبدون بعض مخلوقاته.
 
41–يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ 
 
يا صاحبيَّ في السجن ، إليكما تفسيرَ رؤياكما: أما أحدكما الذي رأى أنه يعصر العنب في رؤياه فإنه يخرج من السجن وسيكون - ساقي الخمر - للملك وأما الآخر الذي رأى أنه يحمل على رأسه خبزًا فإنه -يُصْلب ويُتْرك- وتأكل الطير من رأسه قُضي الأمر الذي فيه تستفتيان وفُرغ منه، فهو واقع لا محالة.
 
42–وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ 

–وقال يوسف عليه السلام للذي علم أنه ناجٍ من صاحبيه -وهو ساقي الملك-: أذكرني عند سيِّدك الملك وأخبره بأني محبوس ظلم بلا ذنب، واذكر قصتي وشأني عنده، فأنسي الشيطان الساقي أن يذكر للملك حال يوسف وقصته، فمكث بعد ذلك - يوسف - في السجن عدة سنوات .. وذلك ليتم الله أمره وقضاءه.

43–وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ 

–لما أراد الله تعالى أن يخرج يوسف عليه السلام من السجن أرى الله الملك هذه الرؤيا العجيبة، ليكون تأويلها على يد يوسف عليه السلام ومن -المقادير- أن الملك هو الذي رآها لارتباط خروجه من السجن بالملك، الذي ترجع إليه أمور الرعية 

وقال الملك: إني رأيت في المنام سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات نحيلات من الـهُزال  -وهذا من العجب- أن السبع العجاف الهزيلات اللاتي سقطت قوتهن، يأكلن السبع السمان اللاتي هنَّ نهاية في القوة ..

–ثم قال: ورأيت سبع سنبلات خضر .. وسبع سنبلات يابسات، يا أيها السادة والأشراف، أخبروني -بتأويل رؤياي- هذه إن كنتم عالمين بتأويل الرؤيا ..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

-وجوب اتباع ملة إبراهيم، والبراءة من الشرك وأهله.

–كل الآلهة التي تُعبد من دون الله ما هي إلا أسماء -غير مسميات، ليس لها في الألوهية نصيب.

–استغلال المناسبات للدعوة إلى الله، كما استغلها يوسف عليه السلام في السجن




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-