شائع

تفسير سورة يوسف صفحة 239 من الآيات (31 - 37) .. وفوائد الآيات

التفسير

31–فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتْ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ 

–فلما سمعت امرأة العزيز من نسوة المدينة غيبتهن لها وذمهن عليها، بعثت إليهن تدعوهن للضيافة في منزلها، ليرين يوسف عليه السلام - فيعذرنها - وقد هَيَّأت لهن مكانا فيه فراش ، ووسائد ، وطعام يحتاج إلى سكين، وأعطت كل واحدة من المدعوات سكينًا تقطع به الطعام ..

–وقالت امرأة العزيز ليوسف عليه السلام: اخرج عليهن، فلما نظرن إليه أعظمنه في صدورهن، واندهشن من حسنه وجماله ، وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ من الدهشة بتلك السكاكين اللاتي معهن ولم يشعرن بالألم لشغل قلبهن بيوسف عليه السلام.

–وقلن: تنزه الله، ليس هذا الغلام بشرًا، فما هو فيه من الجمال لم يُعْهد في البشر .. فهو ليس إلا مَلَكًا كريمًا من الملائكة الكرام ..

فقد وهب الله تعالي يوسف عليه السلام من الجمال الفائق والنور والبهاء، ما كان به "آية للناظرين"، "وعبرة للمتأملين" .. وفي الحديث الشريف "أنه أعطي شطر الحسن" 

32–قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ 

 –قالت امرأة العزيز للنسوة اللاتي .. قد قطَّعن أيديهن : هذا هو الفتى الذي لُمتُنَّني في الافتتان به، أرأيتم ما أصابكن عند رؤيتكن إياه .. وأرادت امرأة العزيز .. أن تريهن جماله الباطن -بالعفة التامة - فقالت معلنة غير مبالية : ولقد طلبته واحتَلْتُ لإغوائه بكل السبل، ولكنه امتنع وأبي ولم يستجب لطلبي .

–ثم استطردت حديثها مهددةولئن لم يفعل ما أطلبه منه مستقبلًا .. ليدخلنّ السجن وليكونن من الأذلاء ، فقلن له أطع مولاتك.

33–قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ 

فاستحب يوسف عليه السلام السجن والعذاب الدنيوي على لذة توجب العذاب الشديد

قال يوسف عليه السلام داعيًا ربه : يا رب ، إن  - السجن - الَّذي هددتني به أحب إليَّ مما تدعونني إليه من - فعل الفاحشة - وإذا لم تكشف عني - يالله - مكرهن أَمِل إليهن، وأكن من الجاهلين إن مِلْتُ إليهن، وطاوعتهن فيما يردن .. من السوء والفحشاء ومعصيتك 

34–فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 

استجاب الله دعاء يوسف عليه السلام وصرف عنه مكر امرأة العزيز .. ومكر نسوة المدينة من معصية الله ، إنه سبحانه وتعالى السميع لدعاء يوسف، ولدعاء كل داع، العليم بحاله وحال غيره من عباده ..

35–ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ 

ولما اشتهر الخبر وذاع، صار الناس فيها بين عاذر، ولائم، وقادح، فاقترح العزيز ما يلي:-

–وكان من رأي - عزيز مصر - وقومه لما شاهدوا الأدلة الدالة على براءة يوسف أن يسجنوه -حتَّى لا تنكشف الفضيحة- إلى -مدة غير معلومة- إلي حين ينقطع فيها كلام الناس ..

36–وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ 

ودخل يوسف عليه السلام السجن، وكان معه فَتَيان: غلامان للملك أحدهما: هو ساقي الملك والآخر: هو صاحب طعامه، فرأى كل واحد منهما رؤيا، فقصها على يوسف ليعبرها له ..

–فقال أحدهما وهو الساقي: إني رأيت في المنام أني أعصر العنب ليصير خمرًا، وقال الثاني وهو صاحب الطعام : إني رأيت أني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطيور منه ،أخبرنا -يا يوسف- بتفسير ما رأيناه ، إنا نراك من أهل الإحسان ..

37–قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ 

–قال لهما يوسف مخبراً أنه عالم بتعبير الرؤيا: إني سأبادر إلى تعبير رؤياكما، فقبل أن يأتيكما غداؤكما، أو عشاؤكما، فسوف أونبئكم بتأويله بماذا سيكون عليه قبل أن يأتيكما .. وهذا دليل علي صحة قولي كي تطمئن قلوبكما ..

–ذلكما التعبير الذي سأعبِّره لكما هو مما علَّمني ربي، لا من الكهانة ولا من التنجيم، إني آمنت به وأخلصت له العبادة وتركت دين قوم لا يؤمنون بالله، وهم بالآخرة هم كافرون. وذلك فيه حث لهما علي الإيمان بالله تعالي ..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–بيان جمال يوسف عليه السلام الَّذي كان سبب افتتان النساء به.

–إيثار يوسف عليه السلام السجن على معصية الله.

–من تدبير الله لنبيه يوسف تعليمه تأويل الرؤى وجعلها سببًا لخروجه من بلاء السجن.

 





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-