شائع

تفسير سورة يوسف صفحة 238 من الآيات ( 15 - 22) .. وفوائد الآيات

التفسير 

23–وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ 

هذه المحنة العظيمة كانت على يوسف أعظم من محنة إخوته.. لأنها كانت اختيار ، أما محنة إخوته فكانت اضطرار

–فقد طلبت امرأة العزيز -برفق ولين- من يوسف عليه السلام - فعل الفاحشة - لحبها الشديد له وحسن بهائه وغلَّقت الأبواب عليهما إمعانًا في الخلوة، وقالت له: هَلُمَّ وتعال إليّ ..

–فقال يوسف عليه السلام: أعوذ بالله من فعل - الفاحشة - وأعتصم بالله مما تدعونني إليه، إن سيّدي أحسن إليّ في مقامي عنده، وأكرمني فلن أخونه في أهله .. فإن خنته كنت ظالمًا، ولا يفلح الظالم أبدا ..

24–وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ 

ولقد رغبت نفسها في فعل الفاحشة، وخطر على نفسه هو ذلك، لولا أنَّه رأى من آيات الله التي تزجره وتكفه عن ذلك وتبعده ، وقد أريناه ذلك لنكشف عنه السوء: الخيانة..والفحشاء: الزنى، إن يوسف من عبادنا المختارين للرسالة والنبوة.

25–وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 

–وتسابقا الاثنان إلى الباب: يوسف عليه السلام لينجو بنفسه وامرأة العزيز لتمنعه من الخروج، فجذبت قميصه من خلفه - فشقّته - فلما وصلا إلى الباب في تلك الحال وجدت زوجها عند الباب ، فنزهت نفسها ثم قالت محتالة: أليس عقاب من قصد بزوجتك فعل الفاحشة - يا عزيز مصر - إما أن يكون السجن، أو أن يُعذب عذابا موجعا .. أليس كذلك!

26–قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنْ الْكَاذِبِينَ 

–قال يوسف عليه السلام متبرئاً: هي التي طلبت مني الفاحشة، ولم أُرِدْها منها، وجعل الله صبيًّا من أهلها يتكلم - في المهد - فشهد بقوله: إن كان قميص يوسف -شُقَّ من أمامه- فهذا دليل على صدقها ؛ لأن ذلك يدل على أنه هو المقبل عليها، المراود لها، وأنها أرادت أن تدفعه عنها فشقت قميصه من الأمام، ويكون هو كاذب ..

27–وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنْ الصَّادِقِينَ 

–وشهد بقوله: إن كان قميص يوسف -شُقَّ من خلفه- فهذا دليل على كذبها ؛ لأن ذلك يدل على هروبه منها، وأنها هي التي طلبته وكانت تُراوِده فشدت قميصه من الخلف فشقته، ويكون هو صادق ..

28–فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ 

فلما رأى - عزيز مصر - قميص يوسف شُقَّ من خلفه علم - ببراءة يوسف - وقال لزوجته: إن هذا الكذب الذي اتهمتِ به هذا الشاب هو مِن جملة مكركن -أيتها النساء- إنَّ مكركن عظيم.

–وهل أعظم من هذا الكيد، الذي برأت به نفسها مما أرادت وفعلت ، وقد رمت به نبي الله يوسف عليه السلام ..

29–يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنْ الْخَاطِئِينَ

وقال - عزيز مصر - ليوسف : يا يوسف ، اضرِبْ عن هذا الأمر صفحًا - ولا تذكره لأحد - لئلا يشيع في المدينة .. واطلبي أنت المغفرة لإثمك ، إنك كنت من الآثمين .. بسبب مراودتك ليوسف عن نفسه ، وفي افترائك عليه.

30–وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ 

وانتشر الخبر في المدينة .. وقالت طائفة من النساء على سبيل الإنكار واللوم : زوجة العزيز تدعو عبدها إلى نفسها، قد وصل حبه شغاف قلبها: وهو باطنه وسويداؤه، وهذا مبلغ الحب وأعظم ما يكون ..

–وقالوا:  إن هذا لأمر مستقبح ، فهي امرأة كبيرة القدر ، وزوجها كبير القدر - وهذه حالة - تحط من قدرها وتضعها عند الناس .. إنا لنراها بسبب مراودتها لعبدها وحبها إياه لفي ضلال واضح 

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–قبح خيانة المحسن في أهله وماله، الأمر الَّذي ذكره يوسف من جملة أسباب رفض الفاحشة.

–بيان عصمة الأنبياء وحفظ الله لهم من الوقوع في السوء والفحشاء.

–وجوب دفع الفاحشة والهرب والتخلص منها.

–مشروعية العمل بالقرائن والبرهان في الأحكام.

  






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-