شائع

تفسير سورة يوسف صفحة 237 من الآيات (15 - 22) .. وفوائد الآيات

التفسير 

15–فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ 

فأرسل يعقوب عليه السلام ابنه يوسف مع إخوته فلما ذهبوا به إلي المراعي نزعوا قميصه بعد ضربه وإهانته وإرادة قتله، وأدلوه في البئر فلما وصل إلى نصف البئر ألقوه ليموت فسقط في الماء .. ثم آوى إلى صخرة فنادوه فأجابهم - يظن رحمتهم - فأرادوا رضخه بصخرة فمنعهم أحد إخوته من فعل ذلك ..

–وأوحي ربك إلى يوسف - بوحيَ حقيقة- تطمينا لقلبه، ينبأه بأنك ستنجو،  وسوف تخبر إخوتك مستقبلا، بفعلهم هذا الذي فعلوه بك، وهم لا يشعرون بك حال إخبارك لهم.. 

–وهذه بشارة له، بأنه سينجو مما وقع فيه، وأن الله سوف يجمعه بأهله، وإخوته، على وجه العز والتمكين له في الأرض ..

16–وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ 

–وجاء إخوة يوسف إلى أبيهم في وقت العِشاء ليكون إتيانهم متأخرا عن عادتهم، يبكون أمامه ويظهرون له الأسف والجزع .. ليكون ذلك دليلا على صدقهم، وترويجًا لمكرهم ..

17–قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ 

–فقال إخوة يوسف لأبيهم -بعذر كاذب -: يا أبانا إنا ذهبنا نتسابق في الجَرْي والرمي بالسهام ثم تركنا أخونا يوسف عند زادنا وثيابنا - ولم نقصِّر في حفظه - بل تركناه في مأمننا, وما فارقناه إلا وقتًا يسيرًا فأكله الذئب، ونحن نعلم أنك لست بمصدِّق لنا .. وإن كنا في الواقع لصادقين فيما أخبرناك به .. 

18–وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ 

–وجاء إخوة يوسف أبيهم -بحيلة كاذبةلتشهد على صدقهم فكانت دليلا على كذبهم فقد جاؤوا بقميص يوسف ملطّخًا بدم غير دمه - موهمين أباهم - أنَّه من أثر أكل الذئب له.. ففطن يعقوب عليه السلام لذلك - بقرينة أن القميص لم يُمَزَّق - وكان ذلك دليلا علي كذبهم .. 

–فقال لهم أبوهم يعقوب عليه السلام : ليس الأمر كما أخبرتموني، بل زيّنت لكم أنفسكم أمرًا سيئًا صنعتموه بأخيكم يوسف فرأيتموه حسنًا وفعلتموه .. فصبري صبر جميل لا شكوى معه لأحد من الخلق -وأستعين بالله- على احتمال ما تصفون من الكذب، لا على حولي وقوتي.

19–وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ 

–ومكث يوسف في الجب ما مكث .. حتى جاءت قافلة مارة تريد الذهاب إلي مصر، فنزلوا قريبا من جب يوسف فأرسلوا واردهم الذي يرد  لهم الماء ليستقي منه، فأنزل دلوه في البئر فتعلق يوسف بالحبل .. فشد الوارذ وبعض أصحابه الحبل بقوة حتي خرج، فلما رآه قال مسرورًا: يا بشراي هذا غلام نفيس ..

وأخفي واردهم وبعض أصحابه - يوسف- عن بقية القافلة ، فلم يظهروه لهم، زاعمين أنَّه بضاعة استبضعوها، والله عليم بما يفعلونه بيوسف من الابتذال والبيع، لا يخفى عليه من عملهم شيء.

20–وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنْ الزَّاهِدِينَ 

–وباع إخوة يوسف أخاهم يوسف للواردين من المسافرين بثمن قليل جدا من الدراهم، وكانوا زاهدين فيه; وذلك لأن قصدهم منه هو تغييبه وإبعاده عن أبيه، ولم يكن قصدهم أخذ ثمنه ..

21–وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ 

–ولما ذهب المسافرون بيوسف عليه السلام إلى "مصر" اشتراه منهم -عزيز مصر- وهو الوزير، وقال لامرأته: أحسني معاملته ، واجعلي مقامه عندنا كريمًا ، لعله ينفعنا في القيام ببعض ما نحتاج إليه ، أو نجعله ولدًا بالتبنِّي ..

وكما أنجينا يوسف عليه السلام مما كان فيه من القتل، وأخرجناه من البئر، وجعلنا عزيز مصر، يَعْطِف عليه .. فكذلك مكنَّا له في أرض " مصر " وجعلناه على خزائنها .. ولنعلِّمه تفسير الرؤى فيعرف منها ما سيقع مستقبلا ..

–والله غالب على أمره ، فأمره نافذ لا مبطل له ، ولكن أكثر الناس -وهم الكفار- لا يعلمون ذلك.

22–وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ 

ولما بلغ يوسف كمال قوته البدنية والمعنوية، وصلح لأن يتحمل أعباء النبوة والرسالة، أعطاه الله الحكم : فأصبح عزيز مصر ، والعلم الكثير : تفسير الرؤي والأحاديث ، والنبوة : كان رسولا وعالما ربانيا ..

وبمثل هذا الجزاء الذي جزينا به يوسف عليه السلام على إحسانه، كذلك نجزي المحسنين على إحسانهم، وفي هذا تسلية للرسول ﷺ.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–بيان خطورة الحسد الَّذي جرّ إخوة يوسف إلى الكيد به والمؤامرة على قتله.

–مشروعية العمل بالقرينة والدليل والبرهان في الأحكام.

من تدبير الله ليوسف عليه السلام ولطفه به أن قذف في قلب عزيز مصر معاني الأبوة بعد أن حجب الشيطان عن إخوته معاني الأخوة.


 




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-