شائع

تفسير سورة هود صفحة 234 من الآيات (109 - 117) .. وفوائد الآيات

التفسير

109–فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ 

يقول تعالى مسليا لرسوله محمد 

–فلا تكن -أيها الرسول- في شك من بطلان ما يعبد هؤلاء المشركون من قومك من الأصنام والأوثان وغيره.. فإن ما هم عليه باطل وليس لهم عليه دليل شرعي ولا عقلي، وإنما دليلهم وشبهتهم على عبادة غير الله .. هو - تقليدهم لآبائهم - وإنا لمُوفوهم نصيبهم من العذاب تاما غير منقوص .. 

110–وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ 

–ولقد آتينا موسى عليه السلام الكتاب: التوراة فاختلف فيه بالتصديق والتكذيب كالقرآن الكريم فآمن به جماعة ،  وكفر به جماعة آخرون .. كما فعل قومك - أيها الرسول - بالقرآن. فلا تحزن .

–ولولا قضاء من الله سبق أنه لا يُعَجِّل العذاب، بل يؤخره إلى يوم القيامة لحكمة، لنزل بهم ما يستحقون من العذاب في الدنيا قبل الآخرة، وإن الكافرين من يهود ومشركين لفي شك وارتياب -من هذا القرآن- مريب.

111–وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ 

إن كل الأقوام السابقة المختلفين الذين ذكرنا لك أخبارهم -أيها الرسول- لسوف يوفينهم ربك جزاء أعمالهم يوم القيامة .. إن خيرًا فخير ، وإن شرًا فشر, إن ربك بما يعمل هؤلاء المشركون خبير .. لا يخفى عليه شيء من أعمالهم وسوف يجازيهم عليها أتم الجزاء وفي هذا تهديد ووعيد لهم ..

112–فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ 

–في هذه الآية يأمرنا تعالي علي التزام الطريق المستقيم، والاستمرار عليه ..

داوم على الالتزام بالطريق المستقيم - أيها الرسول- كما أمرك الله، وليستقم من تاب معك من المؤمنين .. بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ولا تتجاوزوا الحد بارتكاب المعاصي، إن الله بما تعملون بصير، لا يخفى عليه من أعمالكم شيء، وسيجازيكم عليها، وهذا خطاب موجه للأمة

113–وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ 

–وفي هذه الآية تحذير عن الميل إلي الكفار ، وتعدى حدود الاستقامة، فقال تعالي :-

–ولا تميلوا - أيها المؤمنون- إلى هؤلاء الكفار الظالمين بمداهنة أو مودّة أو رضا علي أعمالهم فتصيبكم النار بسبب ذلك الميل لهم فإن ليس لكم من دون الله أولياء ينقذونكم من عذاب النار ولن تجدوا من دون الله وليا ولن تجدوا من دون الله نصيرا . وهذا خطاب موجه للأمة

114–وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ 

–وأقم -أيها الرسول- الصلاة على أحسن وجه في طرفي النهار وهما أول النهار وآخره، أي : الصبح والظهر والعصر، وأقمها في ساعات من الليل أيالمغرب والعشاء، إن الحسنات -كالصلوات الخمس-  تمحو صغائر الذنوب، إن ذلك المذكور موعظة للمتعظين، وعبرة للمعتبرين. وهذا خطاب موجه للأمة

115–وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين

–واصبر -أيها الرسول - ومن اتبعك علي :-

–على فعل ما أمرت به من الاستقامة وغيرها، واحبس نفسك على طاعة الله، وترك معصيته وإلزمها بذلك، واستمر ولا تضجر.

–واترك ما نهيت عنه من الطغيان والركون إلى الظلمة،

إن الله لا يبطل ثواب المحسنين .. بل يتقبل منهم أحسن ما عملوا، ويجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون. وفي هذا ترغيب - للزوم الصبر - بتشويق النفس إلى ثواب الله، كلما ضعفت وفترت. وهذا خطاب موجه للأمة

116–فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ 

فهلَّا كان من تلك الأمم المكذبة المعذبة بقية من أصحاب الدين والفضل والصلاح ينهون تلك الأمم عن الكفر، والفساد في الأرض بالمعاصي ..-لكن لم يكن من تلك الفئة الصالحة إلا قليل-

–فأنجيناهم حين أهلكنا قومهم الظالمين، واتبع الظالمون ما هم فيه من النعيم, والترف وملذات الدنيا ولم يبغوا به بديلا .. فلذلك قد حق عليهم عقاب الله واستأصلهم العذاب.

–وفي هذا، حث لهذه الأمة، أن يكون فيهم بقايا مصلحون، لما أفسد الناس، قائمون بدين الله، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويبصرونهم من العمى. وأن يجعل عمله خالصا لرب العالمين.

117–وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ 

وما كان ربك - أيها الرسول - ليهلك قرية من القرى وأهلها مصلحون في الأرض .. مجتنبون للفساد والظلم, وإنما يهلك ربك القري إذا كان أهلها مفسدين في الأرض .. بالكفر ، والظلم ، والمعاصي ..

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–وجوب الاستقامة على دين الله تعالى.

–التحذير من الركون إلى الكفار الظالمين بمداهنة أو مودة.

–بيان سُنَّة الله تعالى في أن الحسنة تمحو السيئة.

–الحث على إيجاد جماعة من أولي الفضل ينهون عن الفساد والشر، وأنهم عصمة من عذاب الله.







حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-