شائع

تفسير سورة هود صفحة 231 من الآيات (82 - 88) .. وفوائد الآيات


التفسير 

82–فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ 

–فلما جاء أمرنا بإهلاك - قوم لوط - جعلنا عالي قريتهم التي كانوا يعيشون فيها سافلها بأن رفعناها إلى السماء وأسقطناها -مقلوبة- إلي الأرض -مدوية- وأمطرنا عليهم حجارة من النار الشديدة الحرارة متتابعة في النزول بعضها فوق بعض.

83–مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ 

–هذه حجارة معلَّمة من عند الله بعلامة معروفة لا تشاكِل حجارة الأرض لأنها -حجارة عذاب- وما هذه الحجارة التي أمطرها الله على - قوم لوط - فليس ببعيد أن يُمْطَر بمثلها علي كفار قريش ويعذبهم إذا لم يتعظوا .. وفي هذا تهديد لكل عاص متمرِّد على الله ..

84–وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ 

–وقعت هذه القصة بعد مدة قريبة من هلاك قوم لوط، كفرَ قوم مدين كفرًا شديدًا وعبدوا شجرة الأيكة، لذلك سموا بأصحاب الأيكة {وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ} وكانوا من أسوأ الناس معاملة وكفرا وغشا في التجارة وكانوا يتلاعبون بالوزن ويطففون الميزان ويقطعون السبيل ويخيفون المارة، فبعث الله نبيه شعيباً يدعوهم إلى عبادة الله وحده، ونهاهم عن فعل هذه الأعمال القبيحة .. فلم يستجيبوا لدعوته وقد جمع الله عليهم أنواعاً من العذاب، فسلط عليهم رجفة شديدة أسكنت الحركات .. وصيحة عظيمة أخمدت الأصوات، وسحابة كهيئة الظلة فابتدروها فلما تناموا تحتها أرسل عليهم منها شرر النار ، ونجي الله شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منه وأصبح قومه هم الخاسرون .

–وأرسلنا إلى قبيلة مدين نبينا - شعيبًا - منهم فقال: يا قوم، اعبدوا الله وحده .. ما لكم من إله يستحق العبادة غيره، ولا تنقصوا الكيل والوزن إذا كلتم الناس أو وزنتموهم، إني أراكم في سعة من الرزق تغنيكم عن التطفيف فلا تغيروا نعمة الله عليكم بالمعاصي، إني أخاف عليكم -بسبب إنقاصكم للمكيال والميزان- عذاب يوم القيامة الذي سيحيط بكم .. 

85–وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ 

–ويا قوم أتـمُّوا المكيال والميزان بالعدل إن أنتم كلتم أو وزنتم لغيركم، ولا تُنْقِصوا الناس حقهم في عموم أشيائهم، بالغش والخداع والتطفيف ولا تسيروا في الأرض تعملون فيها .. المعاصي والقتل ونشر الفساد.

86–بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ 

إن ما يبقى لكم بعد إيفاء الكيل والميزان من الربح الحلال خير لكم مـمَّا قد تأخذونه بالتطفيف ونحوه من الكسب الحرام, إن كنتم تؤمنون بالله حقا -فارضوا بتلك البقية الحلال- وامتثلوا لأمره، وما أنا عليكم برقيب أحصي أعمالكم وأحاسبكم عليها ..إنما الرقيب على ذلك هو الله الذي يعلم السر والنجوى .. وأما أنا، فأبلغكم ما أرسلت به.

87–قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ 

–سخر قوم شعيب من نبيهم عليه السلام ومن دعوته، ولهذا قالوا في تهكم وسخرية:-

قال قوم شعيب: يا شعيب ، هل صلاتك التي تصليها لله تأمرك أن نترك عبادة ما كان آباؤنا أولوا الألباب يعبدونه من الأصنام والحجارة، وتأمرك أن نترك التصرف في أموالنا بما نشاء وننميها بما نشاء من حيل وخداع ؟! إنك لأنت الحليم الرشيد، فإنك أنت العاقل الحكيم كما عرفناك قبل هذه الدعوة فما الَّذي أصابك ؟!

88–قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ 

قَالَ شعيب عليه السلام لقومه: يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى يقين وطمأنينة، في صحة ما جئت به من النبوة وأعطاني الله من أصناف المال ما أعطاني رزقا حلالا.. فأنا لا أريد أن أنهاكم عن البخس في المكيال والميزان وأفعله أنا ؟!

–إن أريد إلا إصلاحكم بدعوتكم إلى توحيد ربكم وطاعته قدر استطاعتي، وما توفيقي إلا بالله   في الحصول على ذلك..علي الله وحده توكلت. في جميع أموري، وإليه أرجع بالتوبة والإنابة 

–وبهذين الأمرين تستقيم أحوال العبد، وهما الاستعانة بربه، والإنابة إليه، كما قال تعالى: "فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ" وقال : "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" .

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–من سنن الله إهلاك الظالمين بأشد العقوبات وأفظعها.

–حرمة نقص الكيل والوزن وبخس الناس حقوقهم.

–وجوب الرضا بالحلال وإن قل، والبعد عن الحرام وإن زاد وفاض.

–فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ووجوب العمل بهما









حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-