شائع

نفسير سورة هود صفح 228 من الآيات (54 - 62) .. وفوائد الآيات

التفسير
54–إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ

قال قبيلة عاد لنبيهم: ما نقول -يا هود- إلا أنَّه قد أصابك بعض آلهتنا بجنون بسبب نهيك عن عبادتهم - فصرت تهذي - قال هود عليه السلام متبرئا من شركهم : إني أشهد الله ربي وربكم واشهدوا أنتم علي ما أقول " أني بريء من عبادة آلهتكم التي تعبدونها من دون الله ". 

55–مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ 

–كان هودًا واثق كل الوثوق أنه لن يصيبه منهم ولا من آلهتهم أذى، فقال عليه السلام ..

–ثم قال هود عليه السلام معقبا : فامكروا بي أنتم وآلهتكم التي تزعمون أنها أصابتني بجنون واجتهدوا في إلحاق الضرر بي .. ثم لا تمهلوني: أي تؤخروه عني طرفة عين  

56–إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ 

إني توكلت علي الله .. واعتمدت عليه في أمري ، فهو ربي وربكم، ما من شيء يدب على الأرض يتحرك ولا يسكن إلا بإذنه خاضع تحت سلطانه وقهره، يتصرف فيه كيف يشاء وخص الناصية بالذكر - لأن من أخذ الله بناصيته يكون في غاية الذل ..

–فلو اجتمعتم جميعا على الإيقاع بي فلن تقدروا علي؛ لأني على الحق المبين وأنتم على الباطل إن ربي على صراط مستقيم عدل في قضائه وأمره ، يجازي المحسن بإحسانه .. والمسيء بإساءته.

57–فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ 

–فإن تعرضوا وتدبروا عما جئت به فما عليّ إلا إبلاغكم، وقد أبلغتكم كل ما أرسلني الله به وما أمرني بإبلاغه، وقد فعلت وقامت عليكم الحجة، وسيهلككم ربي ويأتي بقوم غيركم يخلفونكم في أموالكم ودياركم .. وإنكم لن تضروا الله شيئا بإشراككم ؛ لأن الله غني عن عباده ، إن ربي على كل شيء رقيب، فهو الَّذي يحفظني من السوء الَّذي تكيدونني به.

58–وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ 

–أنزل الله عقابه علي قبيلة عاد، ونجا هود عليه السلام ومن معه من المؤمنين  

–أرسل الله علي عاد الريح سبع ليال وثمانية أيام متتاليات تعذيهم فجعلتهم - كالصرعي - تحمل العملاق منهم ثم ترميه أرضًا، فينفصل رأسه عن جسده كالنخلة بلا ورق .. من شدة العذاب ونجّا هود عليه السلام ومن معه من المؤمنين قال تعالي { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ }.

ولما جاء أمرنا بعذاب قوم هود نجَّينا منه هودًا والمؤمنين بفضل منَّا عليهم ورحمة, ونجَّيناهم من عذاب شديد أحله الله بعادٍ فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنُهم.

59–وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ 

وَتِلْكَ عَادٌ أوقع الله بهم العذاب لأنهم كفروا بآيات ربهم، وعصوا رسله، لأن من عصى رسولاً فقد عصي جميع الرسل لاشتراكهم في أصل ما جاؤوا به وهو -التوحيد- واتبعوا أمر كل جبار عنيد من رؤسائهم معاند للحق .

60–وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ 

–ولحق بقبيلة عاد في هذه الحياة الدنيا الخزي والطرد من رحمة الله، وكذلك يوم القيامة هم مُبعدون من رحمة الله ؛ وذلك بسبب كفرهم بالله ورسوله، فأبعدهم الله عن كل خير لهم وقرّبهم من كل شرّ.

61–وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ 

–قبيلة ثمود سكنوا في منطقةِ “الحجر” التي تقعُ شمالَ غربِ المدينة المنورة، وتعرفُ اليومَ باسم (مدائن صالح)، وفي القرآن الكريم تعرف بسورة “الحجر”.

– أعطى الله سبحانهُ قومَ ثمود من النعمِ ما أعطاهُ من قبلهِم قوم عاد، فسكنوا السهولَ ونحتوا الجبال، وأعطاهم الخلافة في الأرض من بعد قوم عاد ، كما منّ عليهم بالأنهار والجنات والنعيم والبيوت الفارهة في الجبال المنحوتة، وإمعانا منهم في الضلال، طلبوا من نبيهم أن يأتيهم بآية معجزة ليؤمنوا به ويصدقوه..فدعا (صالح) ربه واستجاب الله دعوته و أرسل اليهم -ناقة الله- ناقة عظيمة ولدت من صخور الجبل وحذّرهم نبيهم من إيذاء الناقة أو التعرضّ لها بسوء ولكنهم تحدّوا نبيهم وعقروها وطالبوا بالعذاب، أمهلهم ربهم ثلاثة أيام حتى يأتيهم بالعذاب ، وبالفعل قد كان .."

وأرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحًا منهم فقال: يا قوم، اعبدوا الله وحده، ما لكم من إله يستحق العبادة غيره، هو خلقكم من - التراب - من الأرض بخلق أبيكم آدم منها وجعلكم عُمَّارَ لها .. فاطلبوا من الله المغفرة ثم ارجعوا إليه بالعبادة وعمل الطاعات وترك المعاصي إن ربي قريب لمن أخلص له العبادة ، مجيب لمن دعاه 

62–قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ

–قال له قومه: يا صالح، قد كنت فينا صاحب مكانة عالية قبل دعوتك هذه، فقد كنا نرجو أن تكون - سيدًا مطاعًا - في قومك صاحب نصح ومشورة، أتنهانا -يا صالح- عن عبادة ما كان آباؤنا يعبدونه؟ وإننا لفي شك مما تدعونا إليه من عبادة الله وحده يجعلنا نتهمك بالكذب على الله .

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–من وسائل المشركين في التنفير من الرسل الاتهام بخفة العقل والجنون.

–ضعف المشركين في كيدهم وعدائهم، فهم خاضعون لله مقهورون تحت أمره وسلطانه.

–أدلة الربوبية من الخلق والإنشاء مقتضية لتوحيد الألوهية وترك ما سوى الله.


  




حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-