شائع

تفسير سورة هود صفحة 222 من الآيات (6 - 12) .. وفوائد الآيات


التفسير

6–وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ

–وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا : إن جميع ما دب على وجه الأرض من آدمي أو حيوان أو غيره .. فإن الله قد تكفل بأرزاقهم وأقواتهم 

–وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ويعلم الله تعالي مستقر هذه الدواب، وهو: المكان الذي تقيم فيه وتستقر فيه، وتأوي إليه، ويعلم مستودعها وهو المكان الَّذي تموت فيه ..

–كُلِّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ: فكل من - الدواب - ورزقها ومواضع استقرارها ومواضع موتها .. في كتاب واضح هو اللوح المحفوظ .. فلتطمئن القلوب إلى كفاية من تكفل بأرزاقها.

7–وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ 

–وهو سبحانه الَّذي خلق السماوات والأرض وما فيهما في ستة أيام أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة وكان عرشه قبل خلقهما علي الماء ..

–ليختبركم -أيها الناس- أيكم أحسن عملًا بما يرضي الله تعالي وأيكم أسوأ عملًا بما يسخطه فيجازي كلًّا بما يستحقه.

–ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء، فقال تعالي:- 

–ولئن قلت -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين من قومك: وأخبرتهم بالبعث بعد الموت ليحاسبوا لسارعوا إلى التكذيب وقالوا: ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا الناطق بالبعث والحساب إلا سحر واضح البطلان .. ألا وهو الحق المبين.

8–وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمْ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون 

–ولئن أخَّرنا عن هؤلاء المشركين العذاب لأجل معلوم فاستبطؤوه، ليقولُنَّ استهزاء وتكذيبًا: أي شيء يمنع هذا العذاب من الوقوع إن كان حقًا؟ 

–ألا يوم يأتيهم ذلك العذاب الذي يستعجلونه لا يستطيع أحد أن يصرفه عنهم .. وقد نزل بهم العذاب الذي كانوا به يستهزئون قبل وقوعه ، في حروبهم مع النبي  في بدر وغيرها من قتل وأسر ..

9–وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ 

ولئن أعطينا الإنسان منا رحمة كنغمة الصحة والرزق، والأولاد، ونحو ذلك ثم سلبنا منه تلك النعمة فإنه يستسلم لليأس، وينقاد للقنوط ولا يعلم أن الله سيردها عليه، أو مثلها، أو خيرا منها ..

–إن الإنسان في هذا اليأس كمثل الكافر الذي قال تعالي عنه: ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [ يوسف: 87] 

10–وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ 

–ولئن أذقنا الإنسان سعة في الرزق وصحة بعد فقر ومرض أصابه وغيره ..ليقولن: ذهب السوء عني، وزال الضر، - ولم يشكر الله على ذلك - إنه لكثير الفرح بطرًا وكثير التطاول على الناس وأي عيب أشد من هذا ؟!

11–إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ 

إلا الذين صبروا على المكاره والطاعات وعن المعاصي، وعملوا الأعمال الصالحات، فلهم حال آخر، حيث لا يصيبهم يأس، ولا كفر بنعم الله، ولا تطاول على الناس، أولئك المتصفون بهذه الصفات لهم مغفرة من ربهم لذنوبهم، ولهم جزاء كبير في الآخرة.

–وهذه طبيعة الإنسان إلا من وفقه الله وأخرجه من هذا الخلق الذميم - وهم الذين صبروا - عند الضراء فلم ييأسوا، وعند السراء فلم يبطروا، وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبات.

12–فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ 

يقول تعالى - مسليا لنبيه محمد  عن تكذيب قومه له :-

فلعلك -أيها الرسول- لعظم ما تراه منهم من الكفر والتكذيب تارك بعض ما يوحى إليك مما أنزله الله عليك وأمرك بتبليغه، وضائق صدرك به خشية أن يطلبوا منك بعض المطالب على وجه التعنت والظلم..


–كأن يقولوا: لولا أُنزل عليه مال كثير .. أو جاء معه ملك يصدقه في رسالته فلا تترك بعض ما يوحى إليك من أجل ذلك، فما أنت إلا نذير، تبلغ ما أمرك الله بتبليغه، وليس عليك الإتيان بما يقترحونه من الآيات، وليس عليك حسابهم من شيء، ولست مطالب بهدايتهم .. إن الله هو الوكيل عليهم يحفظ أعمالهم، ويجازيهم بها أتم الجزاء.

♦♦♦

مِنْ فَوَائِدِ الآيَات

–سعة علم الله تعالى وتكفله بأرزاق مخلوقاته من إنسان وحيوان وغيرهما.

–بيان علة الخلق؛ وهي اختبار العباد بامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه.

–لا ينبغي الاغترار بإمهال الله تعالى لأهل معصيته، فإنه قد يأخذهم فجأة وهم لا يشعرون.

–بيان حال الإنسان في حالتي السعة والشدة، ومدح موقف المؤمن في الصبر والشكر.





حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-