–[مِنْ مَقَاصِدِ السُّورَةِ] مواجهة المكذبين للوحي بالحجج والبراهين .. ودعوتهم للإيمان ترغيبًا وترهيبًا ..
1–الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ
–(الر) حروف متقطعة، تبين عجز العرب علي أن يأتوا بمثل هذا القرآن .. مع أنه مؤلف من هذه الحروف -بالرغم من فصاحتهم- وهذا دليل علي أن القرآن الكريم معجزة ووحي من الله.
–تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ : تلك الآيات هي آيات القرآن الكريم المشتمل على الحكمة والإحكام، وعلي جميع الأوامر والنواهي الشرعية الذي على جميع الأمة أن تتلقاها بالرضا والقبول والانقياد
2–أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ
–أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ : هل كان أمرًا عجبًا للناس أن أنزلنا الوحي بالقرآن علي رجل من جنسهم يعرفونه، ويعرفون صدقه وأمانته -وهو محمد ﷺ .. يحذرهم من عقاب الله وعذابه إن لم يؤمنوا ؟!
–وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ : ويبشِّر الذين آمنوا بالله ورسله .. أن لهم قدم صدق : أجرًا حسنًا ومنزلة عالية ، بما قدَّموه في الدنيا من صالح الأعمال ؟
–قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ : فلما أتاهم رسول الله ﷺ بالوحي الذي أنزله الله تعالي عليه وهو -القرآن الكريم- وتلاه عليهم قال المنكرون : إنَّ محمدًا ﷺ لساحر وأن ما جاء به سحر واضح لا يخفى -بزعمهم- على أحد .. وهذا من سفههم وكفرهم وعنادهم.
3–إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ
–إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ : إن ربكم -الله- الَّذي خلق السماوات على عظمهتا، والأرض على اتساعها في ستة أيام، ثم -علا وارتفع تعالي- على العرش، فكيف تعجبون - أيها الناس- من إرسال ربكم رسولا من جنسكم -رجلا مثلكم- تعرفونه ويعرفكم ؟!
–يُدَبِّرُ الأمْرَ: ربكم في العالم العلوي والسفلي من الإماتة والإحياء، وإنزال الأرزاق، ومداولة الأيام بين الناس، وكشف الضر عن المضرورين وإجابة سؤال السائلين فأنواع التدابير نازلة منه وصاعدة إليه، وجميع الخلق خاضعون لعظمته وسلطانه.
–مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ : فلا يقدر من أحد منهم على الشفاعة، ولو كان أفضل الخلق، حتى يأذن الله ولا يأذن، إلا لمن ارتضى، ولا يرتضي إلا لأهل الإخلاص والتوحيد له.
–ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ: إن ذلكم المتصف بهذه الصفات هو الله ربكم، فأخلصوا له العبادة وحده .. أفلا تتعظون بهذه البراهين والحجج على وحدانيته؟ فمن كان له أدنى اتعاظ علم ذلك، وآمن به وحده لا شريك له.
4–إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ
–إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ : إلى ربكم معادكم يوم القيامة جميعًا, وهذا وعد الله، وعدًا صادقًا لا يخلفه هو الذي يبدأ إيجاد الخلق، ثم يعيد إحياءه مرة أخري بعد الموت للحساب والجزاء.
–لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ : ليجزي سبحانه الذين آمنوا .. وعملوا الأعمال الصالحات بالعدل فلا ينقص من حسناتهم، ولا يزيد في سيئاتهم.
–وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ : والذين كفروا بوحدانية الله ورسله لهم شراب من ماء شديد الحرارة يشوي الوجوه ويقطِّع الأمعاء، ولهم عذاب موجع أليم بسبب كفرهم وضلالهم.
5–هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
–هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ: إن الله الَّذي جعل الشمس تشع الضوء وتنشره .. وجعل القمر نورًا يُسْتَنار به، وقَدَّرَ سيره بعدد منازله وهي الثماني والعشرين .. والمنزلة: هي المسافة التي يقطعها كل يوم وليلة..
–لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ : لتعلموا -أيها الناس- بالشمس عدد الأيام، ولتعلموا بالقمر عدد الشهور والسنين، ثمانية وعشرين ليلة من كل شهر منزلاً .. ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوماً ، أو يستتر ليلةً إن كان الشهر تسعة وعشرين يوماً.
–مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ: ما خلق الله تعالي السماوات والأرض وما فيهما إلا بالحق وليس عبثاً ليظهر -جل شأنه- قدرته وعظمته للناس.
–يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ : يبين الله هذه الأدلة الواضحة والبراهين الجلية على وحدانيته لقوم يعلمون الحكمة في إبداع الخالق.
–وفي هذه الآيات الحث والترغيب على التفكر في مخلوقات الله، والنظر فيها بعين الاعتبار، فإن بذلك تنفتح البصيرة .. ويزداد الإيمان والعقل، وتقوى القريحة، وفي إهمال ذلك، تهاون بما أمر الله به، وإغلاق لزيادة الإيمان، والبصيرة.
6–إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ
–إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ: إن تعاقب الليل والنهار للعباد بالذهاب والمجيء .. والزيادة والنقصان، وما يصحب ذلك من ظلمة وضياء.
–وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ: إن في خلق السموات من ملائكة ، وشمس ، وقمر ، ونجوم وغير ذلك ، وفي الأرض من حيوان، وجبال، وبحار، وأنهار، وأشجار، وغيرها ..
–لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ : لعلامات دالة على قدرة الله لقوم يتقون الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. وخصهم بالذكر ، لأنهم هم المنتفعون.
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–إثبات نبوة النبي محمد ﷺ وأن إرساله أمر معقول لا عجب فيه ..
–الشفاعة يوم القيامة لا تكون إلا لمن أذن له الله، ورضي قوله وفعله.
–تقدير الله عز وجل لحركة الشمس ولمنازل القمر يساعد على ضبط التاريخ والأيام والسنين.
–خلق السماوات والأرض ومن فيهما، وتدبير الأمر، وتقدير الأزمان واختلاف الليل والنهار كلها آيات عظيمة دالة على ألوهية الله سبحانه.