–وانقسم أهل القرية لثلاث فرق:-
1–فرقة عاصية: تصطاد بالحيلة.
2–وفرقة ايجابية: لا تعصي الله، وتقف موقفا إيجابيا مما يحدث، فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتحذّر المخالفين من غضب الله.
3–وفرقة سلبية: لا تعصي الله، لكنها لا تنهى عن المنكر.
–واذكر -أيها الرسول- حين كانت الفرقة الثانية تنهاهم عن هذا المنكر، وتحذرهم منه، فقالت لهم الفرقة الثالثة: لِمَ تنصحون قوما اللهُ تعالي مُهْلِكهم في الدنيا بما قد ارتكبوه من المعاصي ومعذبهم يوم القيامة عذابًا شديدًا؟ فقال لهم الناصحون: نصيحتنا لهم معذرة إلى الله بفعل ما أمرنا الله به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لا يؤاخذنا الله بترك ذلك.. ورجاء أن يتقوا الله, فيخافوه, ويتوبوا عن معصيتهم..
165–فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
–فَلَمَّا نَسُوا أصحاب السبت العصاة عما ذَكَّرَهُم به الواعظون .. واستمروا في غيهم واعتدائهم الصيد، أنجينا الذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر من العذاب، وأخذنا الذين ظلموا واعتدوا في يوم السبت بعذاب شديد.. بسبب خروجهم عن طاعة الله وإصرارهم على المعصية.
166–فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ
–فلما تجاوزوا أصحاب السبت الحد في عصيان الله تكبرًا وعنادًا، -ولم يتعظوا - قلنا لهم: -أيها العصاة- كونوا قردة أذلاء؛ فكانوا كما أردنا، إنما أَمْرُنا لشيء إذا أردناه أن نقول له: كن، فيكون.
167–وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
–واذكر -أيها الرسول- إذ أعلم الله إعلامًا صريحًا - لا لبس فيه -، ليبعثن على اليهود مَن يذيقهم سوء العذاب والإذلال في الحياة الدنيا إلى يوم القيامة، إن ربك -أيها الرسول- لسريع العقاب لمن عصاه .. حتى إنه قد يُعجِّل له العقوبة في الدنيا ، وانه لَغفوز لِذُنوب مَن تاب من عباده ، رحيم بهم.
–وقد بعث الله علي اليهود إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب بالذل وأخذ الجزية منهم فبعث عليها سليمان عليه السلام ومن بعده بختنصر فقتلهم وسباهم وضرب عليهم الجزية فكانوا يؤدونها إلى المجوس إلى بعث نبينا ﷺ فضربها عليهم. ثم فرَّقهم الله في الأرض إلي طوائف إلي يومنا هذا، إن ربك لسريع العقاب.
168–وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمْ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
–وفرَّق الله اليهود في الأرض ومزَّقهم فيها إلي طوائف ، بعد أن كانوا مجتمعين، منهم:-
–الصالحون القائمون بحقوق الله وحقوق عباده.
–والمقتصدون علي أنفسهم في العبادة.
–والمسرفون على أنفسهم بالمعاصي.
–ولقد اختبرناهم وَبَلَوْنَاهُمْ على عادتنا وسنتنا، بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ أي: بالعسر واليسر.
–فاختبرناهم بالحسنات: النعم ، بالرخاء في العيش والسَّعَة في الرزق ..
–واختبرناهم بالسيئات: النقم ، بالشدة في العيش والمرض والمصائب والرزايا ..
–رجاء أن يرجعوا إلى طاعة ربهم ويتوبوا من معاصيه.
169–فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ
–فجاء من بعد هؤلاء أجيال سوء يخلفونهم وكان من صفاتهم:-
–أخذوا التوراة من أسلافهم، يقرؤونها ولا يعملون بما فيها.
–يأخذون متاع الدنيا الرديء كالرشوة كي يحرفوا كتاب الله التوراة، والحكم بغير ما أنزل فيه.
–ويُمَنون أنفسهم بأن الله سيغفر لهم ما فعلوه من تحريف ورشوة..
–وإن يأتهم متاع دنيوي آخر زهيد يأخذوه مرة بعد مرة ولا ينتهون..
– ألم يأخذ الله العهود والمواثيق على هؤلاء ألا يقولوا على الله إلا الحق دون تحريف أو تبديل؟! فلقد خالفوا عهد الله إليهم في ذلك، ولم يكن تركهم للعمل بالكتاب عن جهل -بل كان على علم- فقد قرأوا ما فيه وعَلِمُوهُ، فذنبهم أشد، وأعظم.
–والدار الآخرة وما فيها من نعيم دائم -خير من متاع الدنيا الزائل- للذين يتقون الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه أفلا يعقل هؤلاء الذين يأخذون دنيء المكاسب أن ما عند الله خير وأبقى للمتقين؟
170–وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ
–والذين يتمسَّكون بالكتاب، ويعملون بما فيه من العقائد والأحكام، والشرائع ... فيمتثلون لما أمر به، ويجتنبون ما نهي عنه.
–ويحافظون على الصلاة بحدودها، ولا يضيعون أوقاتها، وخصها الله بالذكر لفضلها، وشرفها، وكونها ميزان الإيمان، وإقامتها داعية لإقامة غيرها من العبادات.
–ومن يفعل ذلك كان كل عملهم إصلاحا، وإن الله سيجازيهم على أعمالهم، فالله لا يضيع أجرَ مَن كان عملُه صالح..
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–إذا نزل عذاب الله على قوم ينجو منه من كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فيهم.
–سنة اللّه في عباده، أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر.
–يجب الحذر من عذاب الله؛ فإنه رهيبًا في الدنيا، كما فعل بأصحاب السبت حين مَسَخَهم قردة.
–نعيم الدنيا مهما بدا أنه عظيم فإنه قليل تافه بجانب نعيم الآخرة الدائم.
–أفضل أعمال العبد بعد الإيمان إقامة الصلاة؛ لأنها عمود الدين.