31–يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ
–يأمرنا تعالي بتناول الأكل والشرب، والنهي عن تركهما، وعن الإسراف فيهما. والتجاوز لحدوده.
–يقول تعالى: يا بني آدم كونوا عند أدائكم لكل صلاة على حالة من الزينة المشروعة من ثياب ساترة لعوراتكم ونظافة وطهارة وغيره..وكلوا واشربوا من طيبات ما رزقكم الله، ولا تتجاوزوا حد الاعتدال في ذلك، إن الله لا يحب المتجاوزين المسرفين في الطعام والشراب وغير ذلك..
32–قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
–ردًّا على المشركين الذين يُحَرِّمون ما أحل الله من اللباس والطيبات من المأكولات وغيرها..
–قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين الجهلة: مَن الذي حرم عليكم اللباس الحسن الذي جعله الله تعالى زينة لكم؟ ومَن الذي قد حرَّم عليكم التمتع بالحلال الطيب من رزق الله تعالى؟
–قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إنَّ ما أحله الله من الملابس والطيبات من المطاعم والمشارب حق للذين آمنوا في الحياة الدنيا وإن شَارَكَهم غيرهم فيها في الدنيا فهي خاصة بهم يوم القيامة، لا يَشْاركهم فيها كافر؛ لأن الجنة محرمة على الكافرين، مثل ذلك التفصيل يفصِّل الله الآيات لقوم يعلمون ما يبيِّن لهم, ويفقهون ما يميز لهم.
–وهذا التوسيع من اللّه لعباده بالطيبات، جعله ليستعينوا به على عبادته، فلم يبحه إلا لعباده المؤمنين، ولهذا قال تعالي: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ..
33–قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ
–ثم ذكر المحرمات التي حرمها اللّه في كل شريعة من الشرائع فقال تعالي:-
–قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ أي: الذنوب الكبار التي تستفحش وتستقبح لشناعتها وقبحها، وذلك كالزنا واللواط ونحوهما..
–مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ أي: الفواحش الظاهرة: التي تتعلق بحركات البدن ، والفواحش الباطنة: التي تتعلق بالقلوب.. كالكبر، والعجب، والرياء، والنفاق، ونحو ذلك..
–وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ : الإثم: الذنوب التي تؤثم وتوجب العقوبة في حقوق اللّه، والبغي: الظلم والتعدي على حقوق الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم .. فدخل في هذا الذنوبُ المتعلقةُ بحق اللّه، والمتعلقةُ بحق العباد.
–وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا: حرَّم أن تعبدوا مع الله تعالى غيره مما لم يُنَزِّل به دليلا وبرهانًا، افتراءً وكذبًا, كدعوى أن لله ولدًا..
–وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ: في أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه، وتحريم بعض الحلال من الملابس والمآكل.
34–وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ
–ولكل جيل وأمة مدة وميقات محدد لآجالهم، فإذا جاء ميقاتهم المُقَدَّر لا يتأخرون عنه زمنا وإن قل، ولا يتقدمون عليه.
–ولكل جماعة -اجتمعت على الكفر- بالله تعالى وتكذيب رسله - عليهم السلام - وقت لحلول العقوبة بهم، فإذا جاء الوقت الذي وقَّته الله لإهلاكهم لا يتأخرون عنه لحظة، ولا يتقدمون عليه.
35–يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنْ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
–لما أخرج اللّه تعالي بني آدم من الجنة، ابتلاهم بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب عليهم ، يقصون عليهم آيات اللّه ويبينون لهم أحكامه ، ثم ذكر تعالي فضل من استجاب لهم، وخسارة من لم يستجب لهم، فقال تعالي:-
–فالذين يتقون الله: بامتثال أوامره واجتناب ما نهي عنه، ويصلحون أعمالهم، فلا خوف عليهم يوم القيامة من عقاب الله، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
36–وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
–وأما الكافرون: الذين كذبوا بآياتنا، ولم يؤمنوا بها ، وتَرَفَعوا، تكبُّرًا عن العمل بما جاءتهم به رسلهم ، أولئك -أصحاب النار- ماكثين فيها لا يخرجون منها أبدًا.
37–فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
–لا أحد أشد ظلمًا ممن افتري على الله الكذب بنسبة الشريك والولد .. أو كذب بآياته المنزلة من القرآن -أولئك ينالهم العذاب- مما كتب الله عليهم في اللوح المحفوظ حتى إذا جاءهم ملك الموت وأعوانه من الملائكة بقبضون أرواحهم
–قالوا لهم توبيخا: أين الذين كنتم تعبدونهم من دون الله من الشركاء ، والأولياء ، والأوثان ، لكي يخلِّصوكم مما أنتم فيه ؟! قالوا تحسرا: ذهبوا عنا ، واعترفوا على أنفسهم -حينئذ- أنهم كانوا -في الدنيا- جاحدين مكذبين بوحدانية الله تعالي.
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–علي المؤمن تعظيم شعائر الله وذلك بستر العورة والتجمل في الصلاة، وخاصة للمسجد.
–من أفتى بغير علم أو حكم بغير علم فقد قال على الله بغير علم وهذا من أعظم المحرمات.
–في الآيات دليل على أن المؤمنين يوم القيامة لا يخافون ولا يحزنون، وإذا لحقهم فمآلهم الأمن.
–أظلم الناس من افتري على الله الكذب بنسبة الشريك والولد أو كذب بآيات القرآن