18–وَقَالَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ
–وزعم اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحباؤه، قل لهم-أيها الرسول- ردًّا عليهم: لماذا يعذبكم الله بذنوبكم ؟! فلو كنتم أحباءه كما زعمتم لما عذبكم في الدنيا بالقتل والمسخ .. وفي الآخرة بالنار إن كنتم صادقين فيما زعمتم؟! إن الله عز وجل لا يعذب من أحب ..
–قل لهم -أيها الرسول-: بل أنتم خلق مثل سائر بني آدم تجري عليكم أحكام البشر .. فمَنْ أحسن منكم فجزاؤه الجنة ومن أساء فعاقبته هي النار فالله يغفر لمن يشاء بفضله ويعذب من يشاء بعدله ، ولله وحده ملك السماوات وملك الأرض وما بينهما، وإليه المرجع والمصير، فيحكم بين عباده، وسيجازي كلا بما يستحق يوم القيامة ..
19–يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
–يا أيها اليهود والنصارى- قد جاءكم رسولنا محمد ﷺ يُبيِّن لكم الحق والهدى بعد فترة من الزمن من انقطاع الرسل ومع شدة الحاجة إلى إرساله بعد -عيسي عليه السلام-; لئلا تقولوا معتذرين: ما جاءنا من بشير ولا نذير، فلا عُذرَ لكم بعد إرساله إلبكم، فقد جاءكم من الله عز وجل رسولٌ يبشِّر مَن آمن به، ويُنذِز مَن عصاه، والله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء، ومن قدرته إرسال الرسل، وخَتْمهم بمحمد ﷺ..
20–وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنْ الْعَالَمِينَ
–واذكر -أيها الرسول- إذ قال موسى لقومه: يا بني إسرائيل اذكروا نعمة الله عليكم بقلوبكم وألسنتكم ، إذ جعل فيكم أنبياء : يدعونكم إلى الهدى ، وجعلكم ملوكًا : تملكون أمر أنفسكم بعد أن كنتم مملوكين مُسْتعبدين من فرعون وقومه ..
–وقد منحكم الله من النعم - الدينية والدنيوية - صنوفًا، فإنكم في ذلك الزمان كنتم خيرة الخلق وأكرمكم على الله .. وقد أنعم الله تعالي عليكم بنعم كثيرة ما كانت لغيركم ، ولم يمنحها أحدًا من العالَمِين في زمانكم ..
21–يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ
–وبعد أن ذكر موسي عليه السلام قومه: بالنعم الدينية والدنيوية الداعية لإيمانهم، وثباتهم على الجهاد، وإقدامهم عليه، قال لهم: يا قوم ادخلوا الأرض المطهرة الَّتِي كَتَبَها اللَّهُ لَكُمْ وهي - بيت المقدس- وأخبرهم - خبرا تطمئن به أنفسهم - بأن الله وعدهم وكتب لهم دخولها وانتصارهم على عدوهم .
–وقال لهم: ولاتجبنوا وترجعوا عن قتال الأعداء الجبارين فتخسروا دنياكم: بما فاتكم من النصر على الأعداء وفتح بلادكم. وتخسروا آخرتكم: بما فاتكم من الثواب بسبب معصيتكم وما سوف يحل عليكم من العقاب
22–قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ
–قال له قومه: يا موسى إن في الأرض المقدسة قوما أشداء أقوياء: وهم من بقايا عاد طوالاً، لا طاقة لنا بقتالهم، وإن هذا يمنعنا من دخولها، وإنَّا لن ندخلها وهم فيها، فإن يخرجوا منها فإنَّا داخلون .. وهذا من الجبن وقلة الإيمان ، لأنهم علموا أنهم سينصرون عليهم ، إذ وعدهم الله بذلك ، - وعدا خاصا - وأن الله لا يخلف وعده ..
23–قَالَ رَجُلانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ
–قال رجلان من الذين يخشون الله تعالى، أنعم الله عليهما بطاعته وطاعة نبيِّه، لبني إسرائيل: ادخلوا على هؤلاء الجبارين: باب مدينتهم، أخْذًا بالأسباب- من الإيمان بالله ، واعداد الوسائل المادية - فإذا اقتحمتم الباب، ودخلتموه فإنكم - بإذن الله - ستغلبونهم، قالا ذلك - تيقناً بنصر الله وإنجاز وعده - وعلى الله اعتمدوا وتوكلوا .. إن كنتم مؤمنين حقًّا، فالإيمان يستلزم التوكل عليه سبحانه.
♦♦♦
مِنْ فَوَائِدِ الآيَات
–تعذيب الله لكفرة بني إسرائيل بالمسخ وغيره.. يبطل دعواهم أنهم أبناء الله وأحباءه.
–أنزل الله الرسل كي لا يكون علي الناس حجة يعتذرون بها في يوم الحساب
–بعد عيسى عليه السلام، انتشر الكفر والضلال والشرك حتي أرسل الله خاتم النبيين محمد ﷺ
–التوكل على الله تعالى، والأخذ بالأسباب، سبب لاستنزال النصر.
–جاءت الآيات لتحذر من الأخلاق الرديئة التي عند بني إسرائيل من الجبن وقلة اليقين..